تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ١١٣
سورة الإسراء من الآية 29 وحتى الآية 32 فرآه عريانا فأنزل الله تعالى ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك يعني ولا تمسك يدك عن النفقة في الحق كالمغلولة يده لا يقدر على مدها (ولا تبسطها) بالعطاء (كل البسط) فتعطي جميع ما عندك (فتقعد ملوما) يلومك سائلوك بالإمساك إذا لم تعطهم والملوم الذي أتى بما يلوم نفسه أو يلوم غيره (محسورا) منقطعا لا شيء عندك تنفقه يقال حسرته بالمسألة إذا ألحفت عليه ودابة حسيرة إذا كانت كالة رازحة قال قتادة (محسورا) نادما على ما فرط منك 30 (إن ربك يبسط) يوسع (الرزق لمن يشاء ويقدر) أي يقتر ويضيق (إنه كان بعباده خبيرا بصيرا) 31 قوله تعالى (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق) فقر (نحن نرزقهم وإياكم) وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يئدون بناتهم خشية الفاقة فنهوا عنه وأخبروا أن رزقهم ورزق أولادهم على الله تعالى (إن قتلهم كان خطأ كبيرا) قرأ ابن عامر وأبو جعفر (خطأ) بفتح الخاء والطاء مقصورا وقرأ ابن كثير بكسر الخاء ممدودا وقرأ الآخرون بكسر الخاء وجزم الطاء ومعنى الكل واحد أي إثما كبيرا 32 (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) 33 (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) وحقها ما روينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال \ لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث رجل كفر بعد إيمانه أو زنى بعد إحصانه أو قتل نفسا بغير نفس فيقتل بها \ (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا) أي قوة ولاية على القاتل بالقتل قاله مجاهد وقال الضحاك سلطانه هو أنه يتخير فإن شاء استفاد منه وإن شاء أخذ الدية وإن شاء عفا عنه (فلا يسرف في القتل) قرأ حمزة والكسائي (فلا تسرف) بالتاء يخاطب ولي القتيل وقرأ الآخرون بالياء على الغائب أي لا يسرف الولي في القتل واختلفوا في هذا الإسراف الذي منع منه ولي القتيل فقال ابن عباس وأكثر المفسرين معناه لا يقتل غير القاتل وذلك أنهم كانوا في الجاهلية إذا قتل منهم قتيل لا يرضون بقتل قاتله حتى يقتل أشرف منه وقال سعيد بن جبير إذا كان القاتل واحدا فلا يقتل جماعة بدل واحد
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»