تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ١٩١
سورة الأعراف (132 133) (وقالوا) يعني القبط لموسى (مهما) متى (ما) كلمة تستعمل للشرط والجزاء (تأتنا به من آية) علامة (لتسحرنا بها) لتنقلنا عما نحن عليه من الدين (فما نحن لك بمؤمنين) بمصدقين (فأرسلنا عليهم الطوفان) قال ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة ومحمد بن إسحاق دخل كلام بعضهم في بعض لما آمنت السحرة ورجع فرعون مغلوبا أبى هو وقومه إلا الإقامة على الكفر والتمادي في الشر فتابع الله عليهم الآيات وأخذهم بالسنين ونقص من الثمرات فلما عالج منهم بالآيات الأربع العصا واليد والسنين ونقص الثمار فأبوا أن يؤمنوا فدعا عليهم فقال يا رب إن عبدك فرعون علا في الأرض وطغى وعتا وإن قو مه قد نقضوا عهدك رب فخذهم بعقوبة تجعلها لهم نقمة ولقومي عظة ولمن بعدهم آية وعبرة فبعث الله عليهم الطوفان وهو الماء أرسل الله عليهم الماء وبيوت بني إسرائيل وبيوت القبط مشتبكة مختلطة فامتلأت بيوت القبط حتى قاموا في الماء إلى تراقيهم ومن جلس منهم غرق ولم يتخل بيوت بين إسرائيل قطرة من الماء وركد الماء على أرضهم لا يقدرون أن يحرثوا ولا يعملوا شيئا ودام ذلك عليهم سبعة أيام من السبت إلى السبت وقال مجاهد وعطاء الطوفان الموت وقال وهب الطوفان الطاعون بلغة اليمن وقال أبو قلابة الطوفان الجدري وهم أول من عذبوا به فبقي في الأرض وقال مقاتل الطوفان الماء طغى فوق حروثهم وروى ابن ظبيان عن ابن عباس قال الطوفان أمر من الله طاف بهم ثم قرأ (فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون) قال نحاة الكوفة الطوفان مصدر لا يجمع كالرجحان والنقصان وقال أهل البصرة هو جمع واحدها طوفانة فقال لموسى أدع لنا ربك يكشف عنا المطر فنؤمن بك ونرسل معك بني إسرائيل فدعا ربه فرفع عنهم الطوفان فأنبت الله لهم في تلك السنة شيء لم ينتبه لهم قبل ذلك من الكلأ والزرع والثمر وخصبت بلادهم فقالوا ما كان هذا الماء إلا نعمة علينا وخصبا فلم يؤمنوا وأقاموا شهرا في عافية فبعث اله عليهم الجراد فأكل كل عامة زروعهم وثمارهم وأوراق الشجر حتى كانت تأكل الأبواب وسقوف البيوت والخشب والثياب والأمتعة ومسامير الأبواب من الحديد حتى تقع دورهم وابتلى الجراد بالجوع فكان لا يشبع ولم يصب بني إسرائيل شيء من ذلك فعجوا وضجوا وقالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك وأعطوه عهد الله وميثاقه فدعا موسى عليه السلام فكشف الله عنهم الجراد بعدما أقام عليه سبعة أيام من السبت إلى السبت وفي الخبر مكتوب على صدر كل جراده جند الله الأعظم ويقال إن موسى برز إلى الفضاء فأشار بعصاه نحو المشرق والمغرب فرجعت الجراد من حيث جاءت وكانت قد بقيت من زروعهم وغلاتهم بقية فقالوا قد بقي لنا ما هو كافينا فما نحن بتاركي ديننا فلم يفوا بما
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»