تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ١٨٦
سورة الأعراف (108 112) عظيمة صفراء شعراء فاغرة فاهاما بين لحييها ثمانون ذراعا ارتفعت من الأرض بقدر ميل وقامت له على ذنبها واضعة لحيها الأسفل في الأرض ولحيها الأعلى على سور القصر وتوجهت نحو فرعون لتأخذه وروي أنها أخذت قبة فرعون بين نابيها فوثب فرعون من سريره هاربا وأحدث قيل أخذه البطن في ذلك اليوم أربعمائة مرة وحملت على الناس فانهزموا وصاحوا ومات منهم خمسة وعشرون ألفا قتل بعضهم بعضا ودخل فرعن البيت وصاح يا موسى أنشدك بالذي أرسلك خذها وأنا أؤمن بك وأرسل معك بني إسرائيل فأخذها موسى فعادت عصا كما كانت ثم قال فرعون هل معك آية أخرى قال نعم (ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين) فأدخل يده في جبه ثم نزعها منه وقيل أخرجها من تحت إبطه فإذا هي بيضاء لها شعاع غلب نور الشمس وكان موسى آدم اللون ثم أدخلها جيبه فصارت كما كانت (يريد أن يخرجكم) يا معشر القبط (من أرضكم) مصر (فماذا تأمرون) أي تشيرون إليه هذا يقوله فرعون وإن لم يذكره وقيل من قول الملأ لفرعون وخاصته (قالوا) يعني الملأ (أرجه) قرأ ابن كثير وأهل البصرة وابن عامر بالهمزة وضم الهاء وقرأ الآخرون بلا همزة ثم نافع رواية ورش والكسائي يشبعان الهاء كسرا ويسكنها عاصم وحمزة ويختلسها أبو جعفر وقالون قال عطاء معناه أخره وقيل احبسه (وأخاه) معناه أشاروا عليه بتأخير أمره وترك التعرض إليه بالقتل (وأرسل في المدائن حاشرين) يعني الشرط في المدائن وهي مدائن الصعيد من نواحي مصر قالوا أرسل إلى هذا المدائن رجالا يحشرون إليك من فيها من السحرة وكان رؤساء السحرة بأقصى مدائن الصعيد فإن غلبهم موسى صدقناه وإن غلبوا علمنا أنه ساحر فذلك قوله (يأتوك بكل ساحر عليم) قرأ حمزة والكسائي (سحار) ههنا في سورة يونس ولم يختلفوا في الشعراء أنه سحار قيل الساحر الذي يتعلم السحر ولا يعلم والساحر الذي يعلم ويعمل وقيل الساحر من يكون سحره في وقت دون وقت والسحار من يديم السحر قال ابن عبسا وابن إسحاق والسدي قال فرعون لما رأى من سلطان في العصا ما رأى إنا لا نغالب إلا بمن هو أعلم
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»