يستمعون القرآن فقالوا للنضر يا أبا قتيبة ما يقول محمد قال ما أدري ما يقول إلا أني أراه يحرك لسانه ويقول أساطير الأولين مثل ما كنت أحدثكم عن القرون الماضية وكان النضر كثير الحديث عن القرون وأخبارها فقال أبو سفيان إني أرى بعض ما يقول حقا فقال أبو جهل كلا لا تقر بشيء من هذا وفي رواية الموت أهون علينا من هذا فأنزل الله عز وجل (ومنهم من يستمع إليك) وإلى كلامك (وجعلنا على قلوبهم أكنة) أغطية جمع كنان كالأعنة جمع عنان (أن يفقهوه) أن يعلموه قيل معناه أن لا يفقهوه وقيل كراهة أن يفقهوه (وفي أذانهم وقرا) صمما وثقلا وهذا دليل على أن الله تعالى يقلب القلوب فيشرح بعضها للهدى ويجعل بعضها في أكنة فلا تفقه كلام الله ولا تؤمن (وإن يروا كل آية) من المعجزات والدلالات (لا يؤمنوا بها حتى إذا جاؤوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين) يعني أحاديثهم وأقاصيصهم والأساطير جمع أسطورة وأساطرة وقيل الأساطير هي الترهات والأباطيل وأصلها من سطرت أي كتبت سورة الأنعام (26) (وهم ينهون عنه) أي ينهون الناس عن اتباع محمد صلى الله عليه وسلم (وينأون عنه) أي يتباعدون عنه بأنفسهم نزلت في كفار مكة قاله محمد بن الحنفية والسدي والضحاك وقال قتادة ينهون عن القرآن وعن النبي صلى الله عليه وسلم ويتباعدون عنه وقال ابن عباس ومقاتل نزلت في أبي طالب كان ينهى الناس عن أذي النبي صلى الله عليه وسلم ويمنعهم وينأى عن الإيمان به أي يبعد حتى روي أنه اجتمع إليه رؤس المشركين وقالوا خذ شابا من أصبحا وجها وادفع إلينا محمدا فقال أبو طالب ما أنصفتموني أدفع إليكم ولدي لتقتلوه وأربي ولدكم وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم دعاه إلى الإيمان فقال لولا أن تعيرني قريش لأقررت بها عينك ولكن أذب عنك ما حييت وقال فيه أبيات شعر (والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا) (فاصدع بأمرك ما عليك غضاغة وأبشر بذاك وقر منك عيونا) (ودعوتني وعرفت أنك ناصحي ولقد صدقت وكنت ثم أمينا) (وعرضت دينا قد علمت بأنه من خير أديان البرية دينا) (لولا الملامة أو حذار مسب لوجدتني سمحا بذاك مبينا) (ويهلكون) أي ما يهلكون (إلا أنفسهم أي لا يرجع وبال فعلهم إلا إليهم وأوزار الذين يصدونهم عليهم (وما يشعرون)
(٩١)