عند الله ومعه أربعه من الملائكة يشهدون عليه أنه من عند الله وأنك رسوله فأنزل الله عز وجل (ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس) مكتوبا من عنده (فلمسوه بأيديهم) أي عاينوه ومسوه بأيديهم وذكر اللمس ولم يذكر المعاينة لأن اللمس أبلغ في إيقاع العلم من المعاينة فإن السحر يجرى على المرئى ولا يجري على الملموس (لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين) معناه أنه لا ينفع معهم شئ لما سبق فيهم من علمي سورة الأنعام (8)) (وقالوا لولا أنزل عليه) على محمد صلى الله عليه وسلم (ملك ولو أنزلنا ملكا لقضى الأمر) أي لوجب العذاب وفرغ من الأمر وهذا سنة الله في الكفار أنهم متى اقترحوا آية فأنزلت ثم لم يؤمنوا استؤصلوا بالعذاب (ثم لا ينظرون) أي لا يؤجلون ولا يمهلون وقال قتادة لو أنزلنا ملكا ثم لم يؤمنوا لعجل لهم العذاب ولم يؤخروا طرفه عين وقال مجاهد لقضى الأمر أي لقامت القيامة وقال الضحاك لو أتاهم ملك في صورته لماتوا سورة الأنعام (9) (ولو جعلناه ملكا) يعني لو أرسلنا إليهم ملكا (لجعلناه رجلا) يعني في صورة رجل آدمي لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة وكان جبريل عليه السلام يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في صورة دحي الكلبي وجاء الملكان إلى داود في صورة رجلين قوله عز وجل (وللبسنا عليهم ما يلبسون) أي خلطنا عليهم ما يخلطون وشبهنا عليهم في يدرون أملك هو آدمي وقيل معناه شبهوا على ضعفائهم فشبه عليهم وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال هم أهل الكتاب فرقوا دينهم وحرفوا الكلم عن مواضعه فلبس الله عليهم ما لبسوا على أنفسهم وقرأ الزهري (للبسنا) بالتشديد على التكرير والتأكيد سورة الأنعام (10) (ولقد استهزىء برسل من قبلك) كما استهزىء بك يا محمد فعزى نبيه صلى الله عليه وسلم (فحاق) قال الربيع بن أنس فنزل وقال عطاء حل وقال الضحاك أحاط (بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون) اي جزاء استهزاهم من العذاب والنقمة سورة الأنعام (11) (قل) يا محمد لهؤلاء المكذبين المستهزئين (سيروا في الأرض) معتبرين يحتمل هذا السير بالعقول والفكر ويحتمل السير بالأقدام (ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين) أي جزاء أمرهم وكيف أورثهم الكفر والتكذيب الهلاك يحذر كفار مكة عذاب الأمم الخالية
(٨٦)