فإنه ليس ها هنا أحد يسمع كلامك غيري قال أبو جهل والله إن محمدا لصادق وما كذب محمد قط ولكن إذا ذهب بنو قصي باللواء والسقاية والحجابة والندوة والنبوة فماذا يكون لسلئر قريش فأنزل الله عز وجل هذه الآية وقال ناجيه بن كعب قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم لا نتهمك ولا نكذبك ولكن نكذب الذي جئت به فأنزل الله تعالى (قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون) بأنك كاذب (فإنهم لا يكذبونك) قرأ نافعوالكسائي بالتخفيف وقرأ الآخرون بالتشديد من التكذيب والتكذيب هم أن تنسبه إلى الكذب وتقول له كذبت والكذاب هو أن تجده كاذبا تقول العرب أجدبت الأرض وأخصبتها إذا وجدتها جدبة ومخصبة (ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) يقول إنهم لا يكذبوك في السر لأنهم عرفوا صدقك فيما مضى وإنما يكذبوك وحيي ويجحدون آياتي كما قال (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم) سورة الأنعام (34) (ولقد كذبت رسل من قبلك) كذبهم قومهم كما كذبتك قريش (فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا) بتعذيب من كذبهم (ولا مبدل لكلمات الله) لا ناقض لما حكم به وقد حكم في كتابه بنصر أنبيائه عليهم السلام فقال (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين لهم أنهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون) وقال (إنا لننصر رسلنا) وقال (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي) وقال الحسن بن الفضل لا خلف لعدته (ولقد جاءك من نبإ المرسلين) و (من) صلة كما تقول أصابنا من مطر سورة الأنعام (35) (وإن كان كبر عليك إعراضهم) أي عظم عليك وشق أن أعرضوا عن الإيمان بك وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرص على إيمان قومه أشد الحرص وكانوا إذ سألوا آية أحب يريهم الله تعالى ذلك طمعا في إيمانهم فقال الله عز وجل (فإن استطعت أن تبتغي نفقا) تطلب وتتخد نفقا سربا (وفي الأرض) ومنه نافقا اليربوع وهو أحد جحرية فتذهب فيه (أو سلما) أي درجا ومصعدا (في السماء) فتصعد فيه (فتأتيهم بآية) فافعل (ولو شاء الله لجمعهم على الهدى) فآمنوا كلهم (فلا تكونن من الجاهلين) أي بهذا الحرف وهو قوله (ولو شاء الله لجمعهم على الهدى) وأن من يكفر لسلبق علم الله فيه
(٩٤)