سورة الأنعام (31) (قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله) أي خسروا أنفسهم بتكذيبهم المصير إلى الله والبعث بعد الموت (حتى إذا جاءتهم الساعة) أي القيامة (بعتة) أي فجأة (قالوا يا حسرتنا) ندامتنا ذكر على وجه النداء للمبالغة قال سيبويه كأنه يقول أيتها الحسرة هذا أو انك (على ما فرطنا) أي قصرنا (فيها) أي في الطاعة وقيل تركنا في الدنيا من عمل الآخرة وقال محمد بن جرير افلهاء راجعة إلى الصفقة وذلك أنه لما تبين لهم خسران صفقتهم ببيعها الآخرة بالدنيا قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها أي في الصفقة فترك ذكر الصفقة اكتفاء بذكر بقوله (قد خسر) لأن الخسران إنما يكون في صفقة بيع والحسرة شدة الندم حتى يحسر الندم النادم كما يحسر الذي تقوم به دابته في السفر البعيد (وهم يحملون أوزارهم) أثقالهم وآثامهم (على ظهورهم) قال السدي وغيره أن المؤمن إذ أخرج من قبره استقبله أحسن شيء صورة وأطيبه ريحا فيقول هل عرفتني فيقول لا فيقول أنا عملك الصالح فاركبني فقد طالما ركبتك في الدنيا فذلك قوله عز وجل (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا) أي ركبانا وأما الكافر فيستقبله أقبح شيء صورة وأنتنه ريحا فيقول هل عرفتني فيقول أنا عملك الخبيث طالما ركبتني في الدنيا فأنا اليوم أركبك فهذا معنى قوله (وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم) (ألا ساء ما يزرون) يحملون قال ابن عباس أي بئس الحمل حملوا سورة الأنعام (32) (وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو) باطل وغرور لابقاء (وللدار الآخرة) قرأ ابن عامر (ولدار الآخرة) مضافا أضاف الدار إلى الآخرة ويضاف الشيء إلى نفسه عند اختلاف اللفظين كقوله) وحب الحصيد) وقولهم ربيع الأول ومسجد الجامع سميت الدنيا لدنوها وقيل لدناءتها وسميت الآخرة لأنها بعد الدنيا قرأ أهل المدينة وابن عامر ويعقوب (أفلا تعقلون) بالتاء ها هنا وفي العراف وسورة يوسف ويس ووافق أبو بكر في سورة يوسف ووافق حفص إلا في سورة يس وقرأ الآخرون بالياء فيهن سورة الأنعام (33) قوله عز وجل (قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون) قال السدي التقى الأخنس بن شريق وأبو جهل بن هشام فقال الأخنس لأبي جهل يا أبا الحكم أخبرني عن محمد بن عبد الله أصادق هو أم كاذب
(٩٣)