سورة التوبة (116 117) خاصة وبيانه لهم في معصيته وطاعته عامة فافعلوا أو ذروا وقال الضحاك ما كان الله ليعذب قوما حتى يبين لهم ما يأتون وما يذرون وقال مقاتل والكلبي هذا في المنسوخ وذلك أن قوما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا ولم تكن الخمر حراما ولا القبلة مصروفة إلى الكعبة فرجعوا إلى قومهم وهم على ذلك ثم حرمت الخمر وصرفت القبلة ولا علم لهم بذلك ثم قدموا بعد ذلك المدينة فوجدوا الخمر قد حرمت والقبلة قد صرفت فقالوا يا رسول الله قد كنت على دين ونحن على غيره فنحن ضلال فأنزل الله تعالى وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم يعني ما كان الله ليبطل عمل قوم قد علموا بالمنسوخ حتى يبين لهم الناسخ إن الله بكل شيء عليم ثم عظم نفسه فقال إن الله له ملك السماوات والأرض يحكم بما يشاء يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير قوله عز وجل لقد تاب الله على النبي الآية تاب الله أي تجاوز وصفح ومعنى توبته على النبي صلى الله عليه وسلم بإذنه للمنافقين بالتخلف عنه وقيل افتتح الكلام به لأنه كان سبب توبتهم فذكره معهم كقوله تعالى فأن لله خمسه وللرسول ونحوه والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة أي في وقت العسرة ولم يرد ساعة بعينها وكانت غزوة تبوك تسمى غزوة العسرة والجيش يسمى جيش العسرة والعسرة الشدة وكانت عليهم عسرة في الظهر والزاد والماء قال الحسن كان العشرة منهم يخرجون على بعير واحد يعتقبونه يركب الرجل ساعة ثم ينزل فيركب صاحبه كذلك وكان زادهم التمر المسوس والشعير المتغير وكان النفر منهم يخرجون ما معهم إلا التمرات بينهم فإذا بلغ الجوع من أحدهما أخذ التمرة فلاكها حتى يجد طعمها ثم يعطيها صاحبه فيمصها ثم يشرب عليها جرعة من ماء كذلك حتى يأتي على آخرهم ولا يبقى من التمرة إلا النواة فمضوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقهم ويقينهم وقال عمر ابن الخطاب خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى تبوك في قيظ شديد فنزلنا منزلا أصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا سنتقطع وحتى إن كان الرجل ليذهب فيلتمس الماء فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع وحتى إن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ويجعل ما بقي على كبده فقال أبو بكر الصديق يا رسول الله إن الله قد عودك في الدعاء خيرا فادع الله قال أتحب ذلك قال نعم فرفع يديه فلم يرجعهما حتى أقلت السماء فأظلت ثم سكبت فملؤا ما معهم من القرب ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر من بعدما كاد يزيغ قرأ حمزة وحفص يزيغ بالياء لقوله
(٣٣٣)