تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٣٣٠
سورة التوبة (112 113) التائبون قال الفراء استؤنفت بالرفع لتمام الآية وانقطاع الكلام وقال الزجاج التائبون رفع للابتداء وخبره مضمر المعنى التائبون إلى آخر الآية لهم الجنة أيضا أي من لم يجاهد غير معاند ولا قاصد لترك الجهاد لأن بعض المسلمين يجزي عن بعض في الجهاد فمن كانت هذه صفته فله الجنة أيضا وهذا أحسن فكأنه وعد الجنة لجميع المؤمنين كما قال وكلا وعد الله الحسنى فمن جعله تابعا للأول فلهم الوعد بالجنة أيضا وإن كان الوعد بالجنة للمجاهدين الموصوفين بهذه الصفات قوله التائبون أي الذين تابوا من الشرك وبرؤوا من النفاق العابدون المطيعون الذين أخلصوا العبادة لله عز وجل الحامدون الذين يحمدون الله على كل حال في السراء والضراء وروينا عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أول من يدعى إلى الجنة يوم القيامة الذين يحمدون الله في السراء والضراء السائحون قال ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما هم الصائمون وقال سفيان بن عيينة إنما سمي الصائم سائحا لتركه اللذات كلها من المطعم والمشرب والنكاح وقال عطاء السائحون الغزاة المجاهدون في سبيل روي عن عثمان بن مظعون رضي الله عنه ائذن لي في السياحة فقال إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله وقال عكرمة السائحون هم طلبة العلم الراكعون الساجدون يعني المصلين الآمرون بالمعروف بالإيمان والناهون عن المنكر عن الشرك وقيل المعروف السنة والمنكر البدعة والحافظون لحدود الله القائمون بأوامر الله وقال الحسن أهل الوفاء ببيعة الله وبشر المؤمنين ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين اختلفوا في سبب نزول هذه الآية قال قوم سبب نزولها ما أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا أبو اليمان أنبأنا شعيب عن الزهري حدثني سعيد بن المسيب عن أبيه قال لما حضرت أبا طالب الوفاة جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة أترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعودان لتلك
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»