سورة التوبة (115) سأستغفر لك ربي يعني إذا أسلمت وقال بعضهم الهاء راجعة إلى الأب وذلك أن إبراهيم وعد أباه أن يستغفر له رجاء إسلامه وهو قوله سأستغفر لك ربي يدل عليه قراءة الحسن وعدها أباه بالباء الموحدة والدليل على أن الوعد من إبراهيم وكان الاستغفار في حال شرك الأب قوله تعالى قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم إلى أن قال إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك فصرح أن إبراهيم ليس بقدوة في هذا الاستغفار وإنما استغفر له وهو مشرك لمكان الوعد رجاء أن يسلم فلما تبين له أنه عدو لله لموته على الكفر تبرأ منه وقيل فلما تبين له في الآخرة أنه عدو لله تبرأ منه أي يتبرأ منه وذلك ما أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا إسماعيل بن عبد الله حدثني أخي عبد الحميد عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة فيقول له إبراهيم ألم أقل لك لا تعصني فيقول له أبوه فاليوم لا أعصيك فيقول إبراهيم عليه السلام يا رب إنك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون فأي خزي أخزى من أبي فيقول الله إني حرمت الجنة على الكافرين ثم يقال لإبراهيم ما تحت رجليك فينظر فإذا هو بذبيح متلطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار وفي رواية يتبرأ منه يومئذ قوله تعالى إن إبراهيم لأواه حليم اختلفوا في معنى الأواه جاء في الحديث إن الأواه الخاشع المتضرع وقال عبد الله بن مسعود الأواه الدعاء وعن ابن عباس قال هو المؤمن التواب وقال الحسن وقتادة الأواه الرحيم بعباد الله وقال مجاهد الأواه الموقن وقال عكرمة هو المستيقن بلغة الحبشة وقال كعب الأحبار هو الذي يكثر التأوه وكان إبراهيم عليه السلام يكثر أن يقول أوه من النار قبل أن لا ينفع أوه وقيل هو الذي يتأوه من الذنوب وقال عقبة بن عامر الأواه الكثير الذكر لله تعالى وعن سعيد بن جبير قال الأواه المسبح وروي عنه الأواه المعلم للخير وقال النخعي هو الفقيه وقال عطاء هو الراجع عن كل ما يكره الله وقال أيضا هو الخائف من النار وقال أبو عبيدة هو المتأوه شفقا وفرقا المتضرع يقينا يريد أن يكون تضرعه على يقين الإجابة ولزوم الطاعة قال الزجاج قد انتظم في قول أبي عبيدة أكثر ما قيل في الأواه وأصله من التأوه وهو أن يسمع للصدر صوت من تنفس الصعداء والفعل منه أوه وتأوه والحليم الصفوح عمن سبه أو ناله بالمكروه كما قال لأبيه عند وعيده وقوله لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا سلام عليك سأستغفر لك ربي وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال الحليم السيد قوله تعالى وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم معناه ما كان الله ليحكم عليكم بالضلالة بترك الأوامر باستغفاركم للمشركين حتى يبين لهم ما يتقون يريد حتى يتقدم إليكم بالنهي فإذا تبين ولم تأخذوا به فعند ذلك تستحقون الضلال قال مجاهد بيان الله للمؤمنين في ترك الاستغفار للمشركين
(٣٣٢)