تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ١٠٩
طلع فذهب بضوء الشمس والقمر حتى لم يبق لهما ضوء ففزع من ذلك فزعا شديدا فدعا السحرة والكهنة فسألهم عن ذلك فقالوا هو مولود يولد في ناحيتك في هذه السنة فيكون هلاكك وهلاك ملكك وأهل بيتك على يديه قالوا فأمر بذبح كل غلام يولد في ناحيته في تلك السنة وأمر بعزل الرجال عن النساء وجعل على كل عشرة رجلا فإذا حاضت المرأة خلى بينها وبين زوجها لأنهم كانوا لا يجامعون النساء في الحيض فإذا طهرت حال بينها وبينما فرجع آزر فوجد امرأته قد طهرت من الحيض فواقعها فحملت بإبراهيم عليه السلام وقال محمد بن إسحاق بعث نمرود إلى كل امرأة حبلى بقرية فحبسها عنده إلا ما كان من أم إبراهيم عليه السلام فإنه لم يعلم بحبلها لأنها كانت جارية حديثة السن لم يعرف الحبل في بطنها وقال السدي خرج نمرود بالرجال إلى معسكر ونحاهم عن النساء تخوفا من ذلك المولود أن يكون فمكث بذلك ما شاء الله ثم بدت له حاجة إلى المدينة فلم يأتمن عليها أحدا من قومه إلا آزر فبعث إليه ودعاه وقال له إن لي حاجة أريد أن أوصيك بها ولا أبعثك إلا لثقتي بك فأقسمت عليك أن لا تدنوا من أهلك فقال آزر أنا أشح على ديني من ذلك فأوصاه بحاجته فدخل المدينة وقضى حاجته ثم قال لو دخلت على أهلي فنظرت إليهم فلما نظر إلى أم إبراهيم عليه السلام لو يتمالك حتى واقعها فحملت بإبراهيم عليه السلام وقال ابن عباس رضي الله عنهما لما حملت أم إبراهيم قال الكهان لنمرود إن الغلام الذي أخبرناك به قد حملته أمه الليلة فأمر نمرود بقتل الغلمان فلما دنت ولادة أم إبراهيم عليه السلام وأخذها المخاض خرجت هاربة مخافة أن يطلع عليها فيقتل ولدها فوضعته في نهر يابس ثم لفته في خرقة ووضعته في حلفاء فرجعت فأخبرت زوجها بأنها ولدت وأن الولد في مموضع كذا وكذا فانطلق أبوه فاخذه من ذلك المكان وحفر له سربا عند نهر فواراه فيه وسد عليه بابه بصخرة مخافة السباع وكانت أمه تختلف إليه فترضعه وقال محمد بن إسحاق لما وجدت أم إبراهيم الطلق خرجت ليلا إلى مغارة كانت قريبة منها فولدت فيها إبراهيم عليه السلام وأصلحت من شأنه ما يصنع بالمولود ثم سدت عليه المغارة ورجعت إلى بيتها ثم كانت تطالعه لتنظر ما فعل فتجده حيا يمص إبهامه وقال أبو روق قالت أم إبراهيم ذات يوم لأنظرن إلى أصابعه فوجدته يمص من أصبع ماء ومن أصبع لبنا ومن أصبح عسلا ومن أصبع تمراومن أصبع سمنا وقال محمد بن إسحاق كان قد سأل أم إبراهيم عن حملها ما فعل فقالت قد ولدت غلاما فمات فصدقها فسكت عنها وكان اليوم على إبراهيم في النشوء كالشهر والشهر كالسنة فلم يمكث إبراهيم في المغارة إلا خمسة عشر شهرا حتى قال لأمه أخرجيني فأخرجته عشاء فنظر وتفكر في خلق السماوات والأرض وقال إن الذي خلقني ورزقني وأطعمني وسقاني لربي الذي مالي إله غيره ثم نظر إلى السماء فرأى كوكبا فقال هذا ربي ثم أتبعه بصره ينظر إليه حتى غاب فلما أفل قال لا أحب الآفلين ثم أتبعه ببصره حتى غاب ثم طلعت الشمس هكذا إلى آخره ثم رجع إلى أبيه آزر وقد استقامت وجهته وعرف ربه وبرىء من دين قومه إلا أنه لم يناديهم بذلك فأخبره أنه ابنه وأخبرته أم إبراهيم أنه أبنه وأخبرته بما كانت صنعت في شأنه فسر آزر بذلك وفرح فرحا شديدا وقيل إنه كان في السرب سبع سنين وقيل ثلاثة عشرة سنة وقيل سبعة عشرة سنة قالوا فلما شب
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»