تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١١٨
سورة البقرة 132 133 ذلك حين خرج من السرب وقال الكلبي أخلص دينك وعبادتك لله وقال عطاء أسلم نفسك إلى الله عز وجل وفوض أمورك إليه (قال أسلمت لرب العالمين) أي فوضت قال ابن عباس وقد حقق ذلك حيث لم يستعن بأحد من الملائكة حين ألقي في النار 132 (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب) قرأ أهل المدينة والشام و (أوصى) بالألف وكذلك في مصاحفهم وقرأ الباقون (ووصى) مشددا وهما لغتان مثل نزل ونزل معناه ووصى بها إبراهيم ووصى يعقوب بنيه قال الكلبي ومقاتل يعني كلمة الإخلاص لا إله إلا الله قال أبو عبيدة إن شئت رددت الكناية إلى الملة لأنه ذكر ملة إبراهيم وإن شئت رددتها إلى الوصية أي وصى إبراهيم بنيه الثمانية إسماعيل وأمه هاجر القبطية وإسحق وأمه سارة وستة أمهم قنطورا بنت يقطن الكنعانية تزوجها إبراهيم بعد وفاة سارة ويعقوب سمي بذلك لأنه والعيص كانا توأمين فتقدم عيص في الخروج من بطن أمه وخرج يعقوب على أثره آخذ بعقبه قاله ابن عباس وقيل سمي يعقوب لكثرة عقبه يعني ووصى أيضا يعقوب بنيه الاثني عشر (يا بني) معناه أن يا بني (إن الله اصطفى) اختار (لكم الدين) أي دين الإسلام (فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) مؤمنون وقيل مخلصون وقيل مفوضون والنهي في ظاهر الكلام وقع على الموت وإنما نهوا في الحقيقة عن ترك الإسلام معناه داوموا على الإسلام حتى لا يصادفكم الموت إلا وأنتم مسلمون وعن الفضيل بن عياض رحمه الله أنه قال إلا وأنتم مسلمون أي محسنون بربكم الظن أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح أنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي أنا علي بن الجعد أنا أبو جعفر الرازي عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقول \ لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالل عز وجل \ 133 قوله تعالى (أم كنتم شهداء) يعني أكنتم شهداء يريد ما كنتم شهداء حضورا (غذ حضر يعقوب الموت) أي حين قرب يعقوب من الموت قيل نزلت في اليهود حين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ألست تعلم أن يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهودية فعلى هذا القول يكون الخطاب لليهود وقال الكلبي لما دخل يعقوب مصر رآهم يعبدون الأوثان والنيران فجمع ولده وخاف عليهم ذلك فقال عز وجل (إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي) قال عطاء إن الله تعالى لم يقبض نبيا حتى خيره بين الحياة والموت فلما خير يعقوب قال يا رب انظرني حتى أسأل ولدي وأوصيهم ففعل الل ذلك به فجمع ولده وولد ولده
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»