سورة البقرة 50 العذاب) (ويستحيون نساءكم) يتركونهن أحياء وذلك أن فرعون رأى في منامه كأن نارا أقبلت من بيت المقدس وأحاطت بمصر وأحرقت كل قبطي فيها ولم يتعرض لبني إسرائيل فهاله ذلك وسأل الكهنة عن رؤياه فقالوا يولد ولد في بني إسرائيل غلام يكون على يده هلاكك وزوال ملكك فأمر فرعون بقتل كل غلام يولد في بني إسرائيل وجمع القوابل فقال لهن لا يسقط على أيديكن غلام من بني إسرائيل إلا قتل ولا جارية إلا تركت ووكل بالقوابل فكن يفعلن ذلك حتى قيل إنه قتل في طلب موسى عليه السلام اثني عشر ألف صبي وقال هب بلغني أنه ذبح في طلب موسى عليه السلام تسعين ألف وليد ثم أسرع الموت في مشيخة بني إسرائيل فدخل رؤوس القبط على فرعون وقالوا إن الموت قد وقع في بني إسرائيل فتذبح صغارهم ويموت كبارهم فيوشك أن يقع العمل علينا فأمر فرعون أن يذبحوا سنة ويتركوا سنة فولد هارون في السنة التي لا يذبحون فيها وولد موسى في السنة التي يذبحون فيها (وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) قيل البلاء المحنة أي في سومهم إياكم سوء العذاب محنة عظيمة وقيل البلاء النعمة أي في إنجائي إياكم منهم نعمة عظيمة فالبلاء يكون بمعنى النعمة وبمعنى الشدة فالله تعالى قد يختبر على النعمة بالشكر وعلى الشدة بالصبر قال الله تعالى (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) 50 (وإذ فرقنا بكم البحر) قيل معناه فرقنا لكم وقيل فرقنا البحر بدخولكم إياه وسمي البحر بحرا لاتساعه ومنه قيل للفرس بحر إذا اتسع في جريه وذلك أنه لما دنا هلاك فرعون أمر الله تعالى موسى عليه السلام أن يسير ببني إسرائيل من مصر ليلا فأمر موسى قومه أن يسرجوا في بيوتهم إلى الصبح وأخرج الله تعالى كل ولد زنا في القبط من بني إسرائيل إليهم وكل ولد زنا في بني إسرائيل من القبط إلى القبط حتى رجع كل إلى أبيه وألقى الله الموت على القبط فمات كل بكر لهم فاشتغلوا بدفنهم حتى أصبحوا حتى طلعت الشمس وخرج موسى عليه السلام في ستمائة ألف وعشرين ألف مقاتل لا يعدون ابن العشرين لصغره ولا ابن الستين لكبره وكانوا يوم دخلوا مصر مع يعقوب اثنين وسبعين إنسانا ما بين رجل وامرأة وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال كان أصحاب موسى ستمائة ألف وسبعين ألفا وعن عمرو بن ميمون قال كانوا ستمائة ألف فلما أرادوا السير ضرب عليهم التيه فلم يدروا أين يذهبون فدعا موسى مشيخة بني إسرائيل وسألهم عن ذلك فقالوا إن يوسف عليه السلام لما حضره الموت أخذ على إخوته عهدا أن لا يخرجوا من مصر حتى يخرجوه معهم فلذلك انسد علينا الطريق فسألهم عن موضع قبره فلم يعلموا فقام موسى ينادي أنشد الله كل من يعلم أن موضع قبر يوسف عليه السلام ألا أخبرني به ومن لم يعلم به فصمت أذناه عن سماع قولي وكان يمر بين الرجلين ينادي ولا يسمعان صوته حتى سمعته عجوز لهم فقالت أرأيتك إن دللتك على قبره أتعطيني كل ما سألتك فأبى عليها وقال حتى أسأل ربي فأمره الله تعالى بإيتائها
(٧٠)