عن أخذها يوم السبت فعمد رجال فحفروا الحياض حول البحر وشرعوا منه إليها الأنهار فإذا كانت عشية الجمعة فتحوا تلك الأنهار فأقبل الموج بالحيتان إلى الحياض فلا يقدرن على الحخروج لبعد عمقها وقلة مائها فإذا كان يوم الأحد أخذوها وقيل كانوا يسوقون الحيتان إلى الحياض يوم السبت ولا يأخذونها ثم يأخذونها يوم الأحد وقيل كانوا ينصبون الحبائل والشخوص يوم الجمعة ويخرجونها يوم الأحد ففعلوا ذلك زمانا ولم تنزل عليهم عقوبة فتجرؤوا على الذنب وقالوا ما ندري السبب إلا وقد أحل لنا فاخذوا وأكلوا وملحوا وباعوا واشتروا وكثر مالهم فلما فعلوا ذلك صار أهل القرية وكانوا نحوا من سبعين ألفا ثلاثة أصناف صنف أمسك ونهى وصنف أمسك ولم ينه وصنف انتهك الحرمة وكان الناهون اثني عشر ألفا فلما أبى المجرمون قبول نصحهم قالوا والله لا نساكنكم في قرية واحدة فقسموا القرية بجدار وغيروا بذلك سنتين ولعنهم داود عليه السلام وغضب الله عليهم لإصرارهم على المعصية فخرج الناهون ذات يوم من بابهم ولم يخرج من المجرمين أحد ولم يفتحوا بابهم فلما أبطؤا تسوروا عليهم الحائط فإذا هم جميع قردة لها أذناب يتعاوون قال قتادة صار الشبان قردة والشيوخ خنازير فمكثوا ثلاثة أيام ثم هلكوا ولم يمكث مسخ فوق ثلاثة أيام ولم يتوالدوا قال الله تعالى (فقلنا لهم كونوا قردة) أمر تحويل وتكوين (خاسئين) مبعدين مطرودين قيل فيه تقديم وتأخير أي كونوا خاسئين قردة ولذلك لم يقل خاسئات والخسأ الطرد والإبعاد وهو لازم ومتعد يقال خسأته خسأ فخسأ خسوأ مثل رجعته رجعا فرجع رجوعا 66 (فجعلناها) أي جعلنا عقوبتهم بالمسخ (نكالا) أي عقوبة وعبرة والنكال اسم لكل عقوبة ينكل الناظر من فعل ما جعلت العقوبة جزاء عليه ومنه النكول عن اليمين وهو الامتناع وأصل من النكل وهو القيد وجمعه يكون أنكالا (لما بين يديها) قال قتادة أراد بما بين يديها يعني ما سبق من الذنوب أي جعلنا تلك العقوبة جزاء لما تقدم من ذنوبهم قبل نهيهم عن اخذ الصيد (وما خلفها) ما حضر من الذنوب التي أخذوا بها وهي العصيان بأخذ الحيتان وقال أبو العالية والربيع عقوبة لما مضى من ذنوبهم وعبرة لمن بعدهم أن يستنوا بسنتهم و (ما) الثانية بمعنى من وقيل جعلناها أي جعلنا قرية أصحاب السبت عبرة لما بين يديها أي القرى التي كانت مبنية في الحال وما خلفها وما يحدث من القرى بعد ليتعظوا وقيل فيه تقديم وتأخير تقديره فجعلناها وما خلفها أي ما أعد لهم من العذاب في الآخرة وجزاء لما بين يديها أي لما تقدم من ذنوبهم باعتدائهم في السبت (وموعظة للمتقين) للمؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فلا يفعلون مثل فعلهم 67 قوله عز وجل (وإذ قالوا موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) البقرة هي الأنثى من البقر يقال هي مأخوذة من البقر وهي الشق سميت به لأنها تبقر الأرض أي تشقها للحراثة والقصة فيه أنه كان في بني إسرائيل رجل غني وله ابن عم فقير لا وارث له سواه فلما طال عليه موته قتله ليرثه وحمله إلى قرية أخرى وألقاه بفنائهم ثم أصبح يطلب ثأره وجاء بناس إلى موسى يدعي عليهم القتل فسألهم موسى
(٨١)