تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣٧٤
أصابك في أصحابك ولوددنا أن الله تعالى كان أعفاك منهم ثم خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لقي أبا سفيان ومن معه بالروحاء قد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا ق أصبنا جلة أصحابه وقادتهم لنكرن على بقيتهم فلنفرغن منهم فلما رأى أبو سفيان معبدا قال له ما وراءك يا معبك قال محمد قد خرج مع أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط يتحرقون عليكم تحرقا قد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم وندموا على صنيعهم وفيهم من الحنق عليكم شيء لم أر مثله قط قال ويلك ما تخلف عنه في يومكم وندموا على صنيعهم وفيهم من الحنق عليكم شيء لم أر مثله قط قال ويلك ما تقول قال والله ما أراد ترحل حتى ترى نواصي الخيل قال فوالله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصل بقيتهم قال فإني والله أنهاك عن ذلك فوالله لقد حملني ما رأيت على أن قلت فيه أبياتا (كادت تهد من الأصوات راحلتي إذ سالت الأرض بالجراد الأبابيل) فذكر أبياتا فرد ذلك أنا سفيان ومن معه ومر به ركب من عبد القيس فقال أين تريدون قالوا نريد المدينة قال ولم يقولوا نريد الميرة قال فهل أنتم مبلغون عني محمدا رسالة وأحمل لكم إبلكم هذه زبيبا بعكاظ غدا إذا وافيتمونا قالوا نعم قال فإذا جئتموه فأخبروه نا قد أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه لنستأصل بقيتهم وانصرف أبو سفيان إلى مكة ومر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهم بحمراء الأسد فأخبروه بالذي قاله أبو سفيان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه \ حسبنا الله ونعم الوكيل \ ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بعد الثالثة هذا قول أكثر المفسرين وقال مجاهد وعكرمة نزلت هذه الآية في غزوة بدر الصغرى وذلك أن أبا سفيان يوم أحد حين أراد أن ينصرف قال يا محمد بيننا وبينك موسم بدر الصغرى لقابل إن شئت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ ذلك بيننا وبينك إن شاء الله \ فلما كان العام المقبل خرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل مجنة من ناحية مر الظهران ثم ألقى الله الرعب في قلبه فبدا له الرجوع فلقي نعيم بن مسعود الأشجعي وقد قدم معتمرا فقال له أبو سفيان يا نعيم إني واعدت محمدا وأصحابه أن نلتقي بموسم بدر الصغرى وإن هذه عام جدب ولا يصلحنا لا عام نرعى فيه الشجر ونشرب فيه اللبن وقد بدا لي أن لا أخرج إليها وأكره أن يخرج محمد ولا أخرج أنا فيزيدهم ذلك جرأة ولأن يكون الخلف من قبلهم أحب إلي من أن يكون من قبلي فالحق بالمدينة فثبطهم وأعلمهم أني في جمع كثير لا طاقة لهم بنا ولك عندي عشرة من الإبل أضعها لك على يدي سهيل بن عمرو ويضمنها قال فجاء سهيل فقال له نعيم يا أبا يزيد اتضمن لي هذه القلائص من أبي سفيان وأنطلق إلى محمد وأثبطه قال نعم فخرج نعيم حتى أتى المدينة فوجد الناس يتجهزون لميعاد أبي سفيان فقال أين تريدون فقالوا اعدنا أبا سفيان أن نلتقي بموسم بدر الصغرى قال بئس الرأي رأيكم أتوكم في دياركم وقراركم فلم يفلت منكم إلا الشريد أفتريدون أن تخرجوا وقد جمعوا لكم عند الموسم والله لا يفلت منكم أحد فكره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ والذي نفس محمد بيده لأخرجن ولو وحدي فأما الجبان فإنه رجع وأما الشجاع فإنه تأهب للقتال وقال حسبنا الله ونعم
(٣٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 ... » »»