تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٧٨
سورة البقرة 62 63 بلفظ الاثنين كقوله تعالى (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) وإنما يخرج من المالح دون العذب وقيل كانوا يأكلون أحدهما بالآخر فكانا كطعام واحد وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم كانوا يعجنون المن بالسلوى فيصيران واحدا (فادع لنا) فسل لأجلنا (ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها) قال ابن عباس الفوم الخبز وقال عطاء الحنطة وقال القتيبي رحمه الله تعالى الحبوب التي تؤكل كلها وقال الكلبي الثوم (وعدسها وبصلها) قال لهم موسى عليه السلام (أتستبدلون الذي هو أدنى) أخس وأردأ (بالذي هو خير) أشرف وأفضل وجعل الحنطة أدنى في القيمة وإن كانت هي خيرا من المن والسلوى أو أراد أنها أسهل وجودا على العادة ويجوز أن يكون الخير راجعا إلى اختيار الله لهم واختيارهم لأنفسهم (اهبطوا مصرا) يعني فإن أبيتم إلا ذلك فانزلوا مصرا من الأمصار وقال الضحاك هو مصر موسى وفرعون والأول أصح لأنه لو أراده لم يصرفه (فإن لكم ما سألتم) من نبات الأرض (وضربت عليهم) جعلت عليهم وألزموا (الذلة) الذل والهوان قيل بالجزية وقال عطاء بن السائب هو الكستيج والزنار وزي اليهودية (والمسكنة) الفقر سمي الفقير مسكينا لأن الفقر أسكنه وأقعده عن الحركة (فترى اليهود وإن كانوا مياسير كأنهم فقراء وقيل الذلة هي فقر القلب فلا ترى في أهل الملل أذل وأحرص على المال من اليهود (وباؤا بغضب من الله) رجعوا ولا يقال باء إلا بالشر وقال أبو عبيدة احتملوا وأقروا به ومنه الدعاء أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي أي أقر (ذلك) أي الغضب (بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله) بصفة محمد صلى الله عليه وسلم وآية الرجم في التوراة ويكفر بالإنجيل والقرآن (ويقتلون النبيين) تفرد نافع بهمز النبي وبابه فيكون معناه المخبر من أنبأ ينبئ والقراءة المعروفة ترك الهمزة وله وجهان أحدهما هو أيضا من الأنباء تركت الهمزة فيه تخفيفا لكثرة الاستعمال والثاني هو بمعنى الرفيع مأخوذ من النبوة وهي المكان المرتفع فعلى هذا يكون النبيين على الأصل (بغير الحق) أي بلا جرم فإن قيل فلم قال بغير الحق وقتل النبيين لا يكون إلا بغير الحق قيل ذكره وصفا للقتل والقتل تارة يوصف بالحق وتارة يوصف بغير الحق وهو مثل قوله تعالى (قال رب احكم بالحق) ذكر الحق وصف للحكم لا أن حكمه ينقسم إلى الجور والحق ويروى أن اليهود قتلت سبعين نبيا في أول النهار وقامت إلى سوق بقلها في آخر النهار (ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون) يتجاوزون أمري ويرتكبون محارمي 62 (إن الذين آمنوا والذين هادوا) يعني اليهود سموا به لقولهم إنا هدنا إليك أي ملنا إليك
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»