تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣٣٥
وعوف ومعاذ ورافع بن مالك العجلاني وذكوان بن عبد القيس وعبادة بن الصامت ويزيد بن ثعلبة وعباس بن عبادة وعقبة بن عامر وقطبة بن عامر وهؤلاء خزرجيون وأبو الهيثم بن التيهان وعويم بن ساعدة من الأوس فلقوه بالعقبة وهي بيعة العقبة الأولى فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء على أن لا يشركوا بالله شيئا ولا يسرقوا ولا يزنوا إلى آخر الآية فإن وفيتم فلكم الجنة وإن غشيتم شيئا من ذلك فأخذتم بحده في الدنيا فهو كفارة له وإن ستر عليكم فأمركم إلى الله إن شاء عذبكم وإن شاء غفر لكم قال وذلك قبل أن يفرض عليهم الحرب قال فلما انصرف القوم بعث معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف وأمره أن يقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام ويفقههم في الدين وكان مصعب يسمى بالمدينة المقرئ وكان منزله على أسعد بن زرارة ثم إن أسعد بن زرارة خرج بمصعب فدخل به حائطا من حوائط بني ظفر فجلسا في الحائط واجتمع إليهما رجال ممن أسلم فقال سعد بن معاذ لأسيد بن حضير انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا دارنا ليسفها ضعفاءنا فازجرهما فإن أسعد بن زرارة ابن خالتي ولولا ذلك لكفيتكه وكان سعد بن معاذ وأسيد بن حضير سيدي قومهما من بني عبد الأشهل وهما مشركان فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم أقبل إلى مصعب وأسعد وهما جالسان في الحائط فلما رآه أسعد بن زرارة قال لمصعب هذا والله سيد قومك قد جاءك فاصدق الله فيه قال مصعب إن يجلس أكلمه قال فوقف عليهما متشتما فقال ما جاء بكم إلينا تسفهان ضعفاءنا اعتزلا إن كانت لكما في أنفسكما حاجة فقال له مصعب أوتجلس فتسمع فإن رضيت أمرا قبلته وإن كرهته كف عنك ما تكره قال أنصفت ثم ركز حربته وجلس إليهما فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن والله لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم في إشراق وجهه وتسهله ثم قال ما أحسن هذا وأجمله كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين قالا له تغتسل وتطهر ثوبك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي ركعتين فقام واغتسل وطهر ثوبه وشهد شهادة الحق ثم قام وركع ركعتين ثم قال لهما إن ورائي رجلا إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه سأرسله إليكما الآن هو سعد بن معاذ ثم أخذ حربته فانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس في ناديهم فلما نظر إليه سعد بن معاذ مقمبلا قال احلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب من عندكم فلما وقف على النادي قال قال له سعد ما فعله قال كلمت الرجلين فوالله ما رأيت بهما بأسا وقد نهيتهما فقالا فافعل ما أحببت وقد حدثت أن بني حارثة خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه وذلك أنهم عرفوا أنه ابن خالتك ليخفروك فقام سعد مغضبا مبادرا للذي ذكره له من بني حارثة فأخذ الحربة ثم قال والله ما أراك أغنيت شيئا فلما رآهما مطمئنين عرف أن أسيدا إنما أراد أن يسمع منهما فوقف عليهما متشتما ثم قال لأسعد بن زرارة لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني تغشانا في دارنا بما نكره فقال أسعد لمصعب جاءك والله سيد قومه وإن اتبعك لم يخالفك منهم أحد فقال مصعب أوتقعد فتسمع فإن رضيت أمرا ورغبت فيه قبلته وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره قال سعد أنصفت ثم ركز الحربة فجلس فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرآن قالا فعرفنا والله في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم في
(٣٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 ... » »»