تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣٤٦
سورة آل عمران 121 نكبة (يفرحوا بها وإن تصبروا) على أذاهم (وتتقوا) تخافوا ربكم (لا يضركم) أي لا ينقصكم (كيدهم شيئا) قرأ ابن عامر وابن كثير ونافع وأهل البصرة (لا يضركم) بكسر الضاد خفيفة يقال ضار يضير ضيرا وهو جزم على جواب الجزاء وقرأ الباقون بضم الضاد وتشديد الراء من ضر يضر ضرا مثل رد يرد ردا وفي رفعه وجهان أحدهما أنه أراد الجزم وأصله يضرركم فأدغمت الراء في الراء ونقلت ضمة الراء الأولى الضاد وضمت الثانية اتباعا والثاني أن لا يكون لا بمعنى ليس ويضمر فيه الفاء تقديره وإن تصبروا وتتقوا فليس يضركم كيدهم شيئا (إن الله بما يعملون محيط) أي عالم 121 قوله تعالى (وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال) قال الحسن هو يوم بدر وقال مقاتل يوم الأحزاب وقال سائر المفسرين هو يوم أحد وقال مجاهد والكلبي والواقدي غدا رسول الله صلى الله عليه وسلم من منزل عائشة رضي الله عنها يمشي على رجليه إلى أحد فجعل يصف أصحابه للقتال كما يقوم القدح قال محمد بن إسحاق والسدي عن رجالهما إن المشركين نزلوا بأحد يوم الأربعاء فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بنزولهم استشار أصحابه ودعا عبد الله بن أبي ابن سلول ولم يدعه قط قبلها فاستشاره فقال عبد الله بن أبي وأكثر الأنصار يا رسو الله أقم بالمدينة لا تخرج إليها فوالله ما خرجنا إلى عدو قط إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه فكيف وأنت فينا فدعهم يا رسول الله فإن أقاموا أقاموا بشر مجلس وإن دخلوا قاتلهم الرجال في وجوههم ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوق وإن رجعوا رجعوا خائبين فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الرأي وقال بعض أصحابه يا رسول الله اخرج بنا إلى هذه الأكلب لا يرون أنا جبنا عنهم وضعفنا وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ إني رأيت في منامي بقرا مذبوحة فأولتها خيرا ورأيت في ذباب سيفي ثلما فأولتها هزيمة ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة \ وكان يعجبه أن يدخلوا عليهم بالمدينة فيقاتلوا في الأزقة فقال رجل من المسلمين ممن فاتهم يوم بدر وأكرمهم الله بالشهادة يوم أحد اخرج بنا إلى أعدائنا فلم يزالوا برسول الله صلى الله عليه وسلم من حبهم للقاء القوم حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبس لأمته فلما رأوه قد لبس السلاح ندموا وقالوا بئس ما صنعنا نشير على رسول الله صلى الله عليه وسلم والوحي يأتيه فقاموا واعتذروا إليه وقالوا اصنع ما رأيت فقال صلى الله عليه وسلم \ لا ينبغي لنبي أن يلبس لأمته فيضعها حتى يقاتل \ وكان قد أقام المشركون بأحد يوم الأربعاء والخميس فراح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة بعدما صلى بأصحابه الجمعة وقد مات في ذلك اليوم رجل من الأنصار فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج إليهم فأصبح باشعب من أحد يوم السبت للنصف من شوال سنة ثلاث من الهجرة فكان من حرب أحد ما كان فذلك قوله تعالى (وإذ غدوت من أهلك تبوئ) تنزل المؤمنين (مقاعد للقتال) أي مواطن ومواضع للقتال يقال بوأت القوم إذا وطنتهم وتبوؤا إذا توطؤوا قال الله تعالى (ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق) وقال (أن تبوأ لقومكما بمصر بيوتا) وقيل تتخذ معسكرا (والله سميع عليم)
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»