سورة آل عمران 49 49 (ورسولا) أي ونجعله رسولا (إلى بني إسرائيل) قيل كان رسولا في حال الصبا وقيل إنما كان رسولا بعد البلوغ وكان أول أنبياء بني إسرائيل يوسف وآخرهم عيسى عليهما السلام فلما بعث قال (أني) قال الكسائي إنما فتح لأنه أوقع الرسالة عليه وقيل معناه بأني (قد جئتكم بآية) علامة (من ربكم) تصدق قولي وإنما قال بآية وقد أتي بآيات لأن الكل دل على شيء واحد وهو صدقه في الرسالة فلما قال ذلك عيسى عليه السلام لبني إسرائيل قالوا وما هي قال (إني) قرأ نافع بكسر الألف على الاستئناف وقرأ الباقون بالفتح على معنى إني (أخلق) أي أصور وأقدر (لكم من الطين كهيئة الطير) قرأ أبو جعفر (كهيئة الطائر) ههنا وفي المائدة والهيئة الصورة المهيأة من قولهم هيأت الشيء إذا قدرته وأصلحته (فأنفخ فيه) أي في الطير (فيكون طيرا بإذن الله) قراءة الأكثرين بالجمع لأنه خلق طيرا كثيرا وقرأ أهل المدينة ويعقوب (فيكون طائرا) على الواحد ههنا وفي سورة المائدة ذهبوا إلى نوع واحد من الطير لأنه لم يخلق غير الخفاش وإنما خص الخفاش لأنه أكمل الطير خلقا لأن له ثديا وأسنانا وهي تحيض قال وهب كان يطير ما دام الناس ينظرون إليه فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتا ليتميز فعل الخلق من فعل الخالق وليعلم أن الكمال لله عز وجل قوله تعالى (وأبرئ الأكمة والأبرص) أي أشفيهما وأصححهما واختلفوا في الأكمه قال ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة هو الذي ولد أعمى وقال الحسن والسدي هو الأعمى وقال عكرمة هو الأعمش وقال مجاهد هو الذي يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل والأبرص هو الذي به وضح وإنما خص هذين لأنهما داءان عياءان وكان الغالب في زمن عيسى عليه السلام الطب فأراهم الله المعجزة من جنس ذلك قال وهب ربما اجتمع على عيسى عليه السلام من المرضى في اليوم الواحد خمسون ألفا من أطاق منهم أن يبلغه بلغه ومن لم يطق مشى إليه عيسى وكان يداويهم بالدعاء على شرط الإيمان قوله تعالى (وأحيي الموتى بإذن الله) قال ابن عباس قد أحيا أربعة أنفس عازر وابن العجوز وابنة العاشر وسام بن نوح فأما عازر فكان صديقا له فأرسلت أخته إلى عيسى عليه السلام أن أخاك عازي يموت وكان بينه وبينه مسيرة ثلاثة أيام فأتاه هو وأصحابه فوجدوه قد مات منذ ثلاثة أيام فقال لأخته انطلقي بنا إلى قبره فانطلقت معهم إلى قبره فدعا الله تعالى فقام عازر ودكه بقطر فخرج من قبره وبقي وولد له وأما ابن العجوز فإنه مر به ميتا على عيسى عليه السلام على سرير يحمل فدعا الله عيسى فجلس على سريره ونزل عن أعناق الرجال ولبس ثيابه وحمل السرير على عنقه ورجع إلى أهله فبقي وولد
(٣٠٣)