تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣٠٨
سورة آل عمران 55 فهو معهم حول العرش وصار إنسيا ملكيا سمائيا أرضيا قال أهل التاريخ حملت مريم بعيسى ولها ثلاث عشرة سنة وولدت عيسى ببيت لحم من أرض أورى شلم لمضي خمس وستين سنة من غلبة الإسكندر على أرض بابل فأوحى الله إليه على رأس ثلاثين سنة ورفعه الله من بيت المقدس ليلة القدر من شهر رمضان وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة فكانت نبوته ثلاث سنين وعاشت أمه مريم بعد رفعه ست سنين فتوفيت مريم عليها السلام وهي بنت اثنين وخمسين سنة 55 (إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي) اختلفوا في بعض التوفي ههنا قال الحسن والكلبي وابن جريج إني قابضك ورافعك في الدنيا إلي من غير موت يدل عليه قوله تعالى (فلما توفيتني) أي قبضتني إلى السماء وأنا حي لأن قومه إنما تنصروا بعد رفعه لا بعد موته فعلى هذا للتوفي تأويلان أحدهما إني رافعك إلي وافيا لم ينالوا منك شيئا من قولهم توفيت من كذا وكذا واستوفيته إذا أخذته تاما والآخر إني مستلمك من قولهم توفيت منه كذا أي تسلمته وقال الربيع بن أنس المراد بالتوفي النوم وكان عيسى قد نام فرفعه الله نائما إلى السماء معناه إني منيمك ورافعك إلي كما قال الله تعالى (وهو الذي يتوفاكم بالليل) أي ينيمكم بالليل وقال بعضهم المراد بالتوفي الموت وروى علي بن طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن معناه إني مميتك يدل عليه قوله تعالى (قل يتوفاكم ملك الموت) فعلى هذا له تأويلان أحدهما ما قاله وهب توفى الله عيسى ثلاث ساعات من النهار ثم رفعه الله إليه وقال محمد بن إسحاق إن النصارى يزعمون أن الله تعالى توفاه سبع ساعات من النهار ثم أحياه ورفعه إليه والآخر ما قاله الضحاك وجماعة أن في هذه الآية تقديما وتأخيرا معناه إني رافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا ومتوفيك بعد إنزالك من السماء أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي أخبرنا علي بن الجعد أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال \ والذي نفس محمد بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضح الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله \ وما أقول ويرى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول عيسى عليه السلام قال \ وتهلك في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ويهلك الدجال فيمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون \ وقيل للحسين بن الفضل هل تجدون نزول عيسى في القرآن قال نعم قوله (وكهلا) وهو لم يكتهل في الدنيا وإنما معناه (وكهلا) بعد نزوله من السماء قوله تعالى (ومطهرك من الذين كفروا) أي مخرجك من بينهم ومنجيك منهم (وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»