تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣١٤
بالتحية التي رضيها الله وهي السلام تحية أهل الجنة فعرف النجاشي أن ذلك حق وأنه في التوراة والإنجيل قال أيكم الهاتف يستأذن عليك حزب الله قال جعفر أنا قال فتكلم قال إنك ملك من ملوك أهل الأرض ومن أهل الكتاب ولا يصلح عندك كثرة الكلام ولا الظلم وأنا أحب أن أجيب عن أصحابي فمر هذين الرجلين فليتكلم أحدهما ولينصت الآخر فتسمع محاورتنا فقال عمرو لجعفر تكلم فقال جعفر للنجاشي سل هذين الرجلين أعبيد نحن أم أحرار كرام فإن كنا عبيدا أبقنا من أربابنا فارددنا إليهم فقال النجاشي أعبيد هم أم أحرار فقال عمرو بل أحرار كرام فقال النجاشي نجوا من العبودية ثم قال جعفر سل هل أهرقنا دما بغير حق فيقتص منا فقال عمرو لا ولا قطرة فقال جعفر سلهما هل أخذنا أموال الناس بغير حق فعلينا قضاؤها قال النجاشي إن كان قنطارا فعلي قضاؤه فقال عمرو لا ولا قيراطا قال النجاشي فما تطلبون منهم قال عمرو كنا وهم على دين واحد وأمر واحد على دين آبائنا فتركوا ذلك واتبعوا غيره فبعثنا إليك قومهم لتدفعهم إلينا فقال النجاشي ما هذا الدين الذي كنتم عليه والدين الذي اتبعوه أصدقني فقال جعفر أما الدين الذين كنا عليه فتركناه فهو دين الشيطان كنا نكفر بالله ونعبد الحجارة وأما الذي تحولنا إليه فدين الله الإسلام جاءنا به من الله رسول وكتاب مثل كتاب عيسى بن مريم موافقا له فقال النجاشي يا جعفر لقد تكلمت بأمر عظيم فعلى رسلك ثم أمر النجاشي فضرب بالناقوس فاجتمع عليه كل قسيس وراهب فلما اجتمعوا عنده قال النجاشي أنشدكم الله الذي أنزل الإنجيل على عيسى هل تجدون بين عيسى وبين يوم القيامة نبي مرسل فقالوا اللهم نعم قد بشرنا به عيسى وقال من آمن به فقد آمن بي ومن كفر به فقد كفر بي فقال النجاشي لجعفر ماذا يقول لكم هذا الرجل وما يأمركم به وما ينهاكم عنه فقال يقرأ علينا كتاب الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويأمرنا بحسن الجوار وصلة الرحم وبر اليتيم ويأمرنا بأن نعبد الله وحده لا شريك له فقال اقرأ علي مما يقرأ عليكم فقرأ عليهم سورة العنكبوت والروم ففاضت عينا النجاشي وأصحابه من الدمع وقالوا زدنا يا جعفر من هذا الحديث الطيب فقرأ عليهم سورة الكهف فأراد عمرو أن يغضب النجاشي فقال إنهم يشتمون عيسى وأمه فقال النجاشي ما تقولون في عيسى وأمه فقرأ جعفر عليهم سورة مريم فلما أتى على ذكر مريم وعيسى عليهما السلام رفع النجاشي نفثة من سواكه قدر ما يقذي العين فقال والله ما زاد المسيح على ما تقولون مثل هذا ثم أقبل على جعفر وأصحابه فقال اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي يقول آمنون من سبكم أو آذاكم غرم ثم قال أبشروا ولا تخافوا فلا دهورة اليوم على حزب إبراهيم قال عمرو يا نجاشي ومن حزب إبراهيم قال هؤلاء الرهط وصاحبهم الذي جاؤوا من عنده ومن تبعهم فأنكر ذلك المشركون وادعوا دين إبراهيم ثم رد النجاشي على عمرو وصاحبه المال الذي حملوه وقال إنما هديتكم إلي رشوة فاقبضوها فإن الله ملكني ولم يأخذ مني رشوة قال جعفر فانصرفنا فكنا في خير دار وأكرم جوار وأنزل الله تعالى في ذلك اليوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في خصومتهم في إبراهيم وهو بالمدينة (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين)
(٣١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 ... » »»