تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٢٩٩
سورة آل عمران 40 لأن الله تعالى قال له كن من غير أب فكان فوقع عليه اسم الكلمة وقيل سمي كلمة لأنه يهتدى به كما يهتدى بكلام الله تعالى وقيل هي بشارة الله تعالى لمريم بعيسى عليه السلام بكلامه على لسان جبريل عليه السلام وقيل لأن الله تعالى أخبر الأنبياء بكلامه في كتبه أنه يخلق نبيا بلا أب فسماه كلمة لحصوله بذلك الوعد وكان يحيى عليه السلام أول من آمن بعيسى عليه السلام وصدقه وكان يحيى عليه السلام أكبر من عيسى بستة أشهر وكانا ابني خالة ثم قتل يحيى قبل أن يرفع عيسى عليه السلام وقال أبو عبيدة بكلمة من الله أي بكتاب من الله وآياته تقول العرب أنشدني كلمة فلان أي قصيدته قوله تعالى (وسيدا) هو فعيل من ساد يسود وهو الرئيس الذي يتبع وينتهي إلى قوله قال المفضل أراد سيدا في الدين قال الضحاك السيد الحسن الخلق قال سعيد بن جبير السيد الذي يطيع ربه عز وجل وقال سعيد بن المسيب السيد الفقيه العالم وقال قتادة سيد في العلم والعبادة والورع وقيل الحليم الذي لا يغضبهه شيء قال مجاهد الكريم على الله تعالى وقيل السيد التقي قاله الضحاك قال سفيان الثوري الذي لا يحسد وقيل الذي يفوق قومه في جميع خصال الخير وقيل هو القانع بما قسم الله له وقيل هو السخي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ من سيدكم يا بني سلمة \ قالوا جد بن قيس على أنا نبخله قال \ وأي داء أدوأ من البخل لكن سيدكم عمرو بن الجموح \ قوله تعالى (وحصورا ونبيا من الصالحين) والحصور أصله من الحصر وهو الحبس والحصور في قول ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة رضي الله عنهم وعطاء والحسن الذي لا يأتي النساء ولا قربهن وهو على هذا القول فعول بمعنى فاعل يعني أنه يحصر نفسه عن الشهوات وقال سعيد بن المسيب هو العنين الذي لا ماء له فيكون الحصور بمعنى المحصور يعني الممنوع من النساء قال سعيد بن المسيب كان له مثل هدبة الثوب وقد تزوج مع ذلك ليكون أغض لبصره وفيه قول آخر أن الحصور الممتنع من الوطء مع القدرة عليه واختار قوم هذا القول لوجهين أحدهما لأن الكلام خرج مخرج الثناء وهذا أقرب إلى استحقاق الثناء والثاني أنه أبعد من إلحاق الآفة بالأنبياء 40 قوله تعالى (قال رب) أي يا سيدي قال لجبريل عليه السلام هذا قول الكلبي وجماعة وقيل قاله لله عز وجل (أنى يكون) يعني أين يكون (لي غلام) أي أين (وقد بلغني الكبر) هذا من المقلوب أي وقد بلغت الكبر وشخت كما تقول بلغني الجهد أي أنا في الجهد وقيل معناه وقد نالني الكبر وأدركني وأضعفني قال الكلبي كان زكريا يوم بشر بالولد ابن ثنتين وتسعين سنة وقيل ابن تسع وتسعين سنة وقال الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما كان ابن عشرون ومائة سنة وكانت امرأته بنت ثمان وتسعين سنة فذلك قوله تعالى (وامرأتي عاقر) أي عقيم لا تلد ويقال رجل عاقر وامرأة عاقر وقد عقر بضم القاف يعقر عقرا وعقارة (قال كذلك الله يفعل ما يشاء) فإن قيل لم قال زكريا بعدما وعده الله تعالى (أنى يكون لي غلام) أكان شاكا في وعد الله وفي
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»