تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٢٦٩
مقبول الشهادة على غيره لأنه متهم في حق عدوه ولا تقبل شهادة الرجل لولده ووالده وإن كان مقبول الشهادة عليهما ولا يقبل شهادة من يجر إلى نفسه بشهادته نفعا كالوارث يشهد على رجل يقتل مورثه أو يدفع عن نفسه بشهادته ضررا كالمشهود عليه يشهد بجرح من شهد عليه لتمكن التهمة في شهادته أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسين المروزي أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سراج القطان أخبرنا أبو أحمد محمد بن قريش بن سليمان أخبرنا علي بن عبد العزيز الملكي أخبرنا أبو عبيد القاسم بن سلام أخبرنا مروان الفزاري عن شيخ من أهل الحيرة يقال له يزيد بن زياد عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها ترفعه \ لا يجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ذي غمر على أخيه ولا ظنين في ولاء ولا قرابة ولا القانع مع أهل البيت \ قوله تعالى (أن تضل إحداهما) قرأ حمزة (أن تضل) بكسر الألف (فتذكر) برفع الراء ومعناه الجزاء والابتداء وموضع (تضل) جزم بالجزاء إلا أنه لا نسق بالتضعيف (فتذكر) رفع لأن ما بعد فاء الجزاء مبتدأ وقراءة العامة بفتح الألف ونصب الراء على الاتصال بالكلام الأول و (تضل) محله نصب بأن (فتذكر) منسوق عليه ومعنى الآية فرجل وامرأتان كي تذكر (إحداهما الأخرى) ومعنى تضل أي تنسى يريد إذا نسيت إحداهما شهادتها فتذكرها الأخرى فتقول ألسنا حضرنا مجلس كذا وسمعنا كذا قرأ ابن كثير وأهل البصرة (فتذكر) مخففا وقرأ الباقون مشددا (وذكر) و (اذكر) بمعنى واحد وهما متعديان من الذكر الذي هو ضد النسيان وحكي عن سفيان بن عيينة أنه قال هو من الذكر أي تجعل إحداهما الأخرى ذكر أي تصير شهادتهما كشهادة ذكر والأصل أصح لأنه معطوف على النسيان قوله تعالى (ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا) قيل أراد به إذا ما دعوا لتحمل الشهادة سماهم شهداء على معنى أنهم يكونون شهداء وهو أمر إيجاب عند بعضهم وقال قوم تجب الإجابة إذا لم يكن غيرهم فإن وجد غيرهم فهم مخيرون وهو قول الحسن وقال قوم هو أمر ندب وهو مخير في جميع الأحوال وقال بعضهم هذا في إقامة الشهادة وأدائها فمعنى الآية ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا لأداء الشهادة التي تحملوها وهو قول مجاهد وعطاء وعكرمة وسعيد بن جبير وقال الشعبي الشاهد بالخيار مالم يشهد وقال الحسن الآية في الأمر جميعا في التحمل والإقامة إذا كان فازعا (ولا تسأموا) أي ولا تملوا (أن تكتبوه) الهاء راجعة إلى الحق (صغيرا) كان الحق (أو كبيرا) قليلا كان أو كثيرا (إلى أجله) إلى محل الحق (ذلكم) أي الكتاب (أقسط) أعدل (عند الله) لأنه أمر به واتباع أمره أعدل من تركه (وأقوم للشهادة) لأن الكتابة تذكر الشهود (وأدنى) وأحرى وأقرب إلى (ألا ترتابوا) تشكوا في الشهادة (إلا أن تكون تجارة حاضرة) قرأها عاصم بالنصب على خبر كان واضمر الاسم مجازا إلا أن تكون التجارة تجارة أو المبايعة تجارة وقرأهما الباقون بالرفع وله وجهان أحدهما أن يجعل (الكون) بمعنى الوقوع معناه إلا أن تقع تجارة والثاني أن يجعل الاسم في التجارة والخبر في الفعل وهو قوله (تديرونها بينكم) تقديره إلا أن تكون تجارة حاضرة دائرة بينكم ومعنى الآية إلا أن تكون تجارة حاضرة يدا بيد تديرونها بينكم ليس فيها أجل (فليس عليكم جناح أن
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»