تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٢٦٨
إذا طولب وهو قول مجاهد وقال الحسن يجب إذا لم يكن كاتب غيره وقال قوم هو على الندب والاستحباب وقال الضحاك كانت غريمة واجبة على الكاتب والشاهد فنسخها قوله تعالى (ولا يضار كاتب ولا شهيد) (كما علمه الله) أي كما شرعه الله وأمره (فليكتب وليملل الذي عليه الحق) يعني المطلوب يقر على نفسه بلسانه ليعلم ما عليه والإملال والإملاء لغتان فصيحتان معناهما واجد جاء بهما القرآن فالإملال هنا والإملاء قوله تعالى (فهي تملي عليه بكرة وأصيلا) (وليتق الله ربه) يعني المملي (ولا يبخس منه شيئا) أي ولا ينقص منه أي من الحق الذي عليه شيئا (فإن كان الذي عليه الحق سفيها) أي جاهلا بالإملاء قاله مجاهد وقال الضحاك والسدي طفلا صغيرا وقال الشافعي السفيه المبذر المفسد لماله أو في دينه قوله (أو ضعيفا) أي شيخا كبيرا وقيل هو ضعيف العقل لعته أو جنون (أو لا يستطيع أن يمل هو) لخرس أو عمى أو عجمة أو حبس أو غيبة لا يمكنه حصول الكتابة أو جهل بماله وعليه (فليملل وليه) أي قيمه (بالعدل) أي بالصدق والحق وقال ابن عباس رضي الل عنه ومقاتل أراد بالولي صاحب الحق يعني إن عجز من عليه الحق من الإملال فيملل ولي الحق وصاحب الدين بالعدل لأنه أعلم بالحق (واستشهدوا) أي وأشهدوا (شهيدين) أي شاهدين (من رجالكم) يعني الأحرار المسلمين دون العبيد والصبيان وهو قول أكثر أهل العلم وأجاز شريح وابن سيرين شهادة العبيد (فإن لم يكونا رجلين) أي لم يكن الشاهدان رجلين (فرجل وامرأتان) أي فليشهد رجل وامرأتان وأجمع الفقهاء على أن شهادة النساء جائزة مع الرجال في الأموال حتى يثبت برجل وامرأتين واختلفوا في غير الأموال فذهب جماعة إلى أنه يجوز شهادتهن مع الرجال في غير العقوبات وهو قول سفيان الثوري وأصحاب الرأي وذهب جماعة إلى أن غير المال لا يثبت إلا برجلين عدلين وذهب الشافعي رحمه الله إلى أن ما يطلع عليه النساء غالبا كالولادة والرضاع والثيوبة والبكارة ونحوها يثبت بشهادة رجل وامرأتين وبشهادة أربع نسوة واتفقوا على أن شهادة النساء جائزة في العقوبات قوله تعالى (ممن ترضون من الشهداء) يعني من كان مرضيا في ديانته وأمانته وشرائط قبول الشهادة سبعة الإسلام والحرية والعقل والبلوغ والعدالة والمروءة وانتفاء التهمة فشهادة الكافر مردودة لأن المعروفين بالكذب عند الناس لا تجوز شهادتهم فالذي يكذب على الله تعالى أولى أن يكون مردود الشهادة وجوز أصحاب الرأي شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض ولا تقبل شهادة العبيد وأجازها شريح وابن سيرين وهو قول أنس بن مالك رضي الله عنه ولا قول للمجنون حتى يكون له شهادة ولا يجوز شهادة الصبيان سئل ابن عباس رضي الله عنه عن ذلك فقال لا يجوز لأن الله تعالى يقول (من ترضون من الشهداء) والعدالة شرط وهي أن يكون الشاهد مجتنبا للكبائر غير مصر على الصغائر والمروءة شرط وهي ما يتصل بآداب النفس مما يعلم أن تاركه قليل الحياء وهي حسن الهيئة والسيرة والعشرة والصناعة فإن كان الرجل يظهر من نفسه شيئا مما يستحي أمثاله من إظهاره في الأغلب يعلم به قلة مروءته وترد شهادته وانتفاء التهمة شرط حتى لا تقبل شهادة العدو على العدو وإن كان
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»