تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٢٥٢
سورة البقرة 265 266 265 قوله تعالى (ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله) أي طلب رضا الله تعالى (وتثبيتا من أنفسهم) قال قتادة احتسابا وقال الشعبي والكلبي تصديقا من أنفسهم أي يخرجون الزكاة طيبة بها أنفسهم على يقين بالثواب وتصديق بوعد الله ويعلمون أن ما أخرجوا خير لهم مما تركوا وقيل على يقين باخلاف الله عليهم وقال عطاء ومجاهد يثبتون أي يضعون أموالهم قال الحسن كان الرجل إذا هم بصدقة يثبت فإن كان لله أمضى وإن كان يخالطه شك أمسك وعلى هذا القول يكون التثبيت بمعنى التثبت كقوله تعالى (وتبتل إليه تبتيلا) أي تبتلا (كمثل جنة) أي بستان قال المبرد والفراء إذا كان في البستان نخل فهو جنة وإن كان فيه كرم فهو فردوس (بربوة) قرأ ابن عامر وعاصم (بربوة) و (إلى ربوة) في سورة المؤمنين بفتح الراء وقرأ الآخرون بضمها وهي المكان المرتفع المستوي الذي تجري فيه الأنهار فلا يعلوه الماء ولا يعلو عن الماء وإنما جعلها بربوة لأن النبات عليها أحسن وأزكى (أصابها وابل) مطر شديد كثير (فآتت أكلها) ثمرها قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بالتخفيف وقرأ الباقون بالتثقيل وزاد نافع وابن كثير تخفيف (أكله) و (الأكل) وخفف أبو عمرو (رسلنا ورسلكم ورسلهم وسبلنا) (ضعفين) أي أضعفت في الحمل قال عطاء حملت في سنة من الريع ما يحمل غيرها في سنتين وقال عكرمة حملت في السنة مرتين (فإن لم يصبها وابل فطل) أي فطش وهو المطر الضعيف الخفيف ويكون دائما قال السدي هو الندى وهذا مثل ضربهه الله تعالى لعمل المؤمن المخلص فيقول كما أن هذه الجنة تربع في كل حال ولا تخلف سواء قل المطر أو كثر كذلك يضعف الله صدقة المؤمن المخلص الذي لا يمن ولا يؤذي سواء قلت نفقته أو كثرت وذلك أن الطل إذا كان يدوم يعمل عمل الوابل الشديد (والله بما تعملون بصير) 266 (أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار) هذه الآية متصلة بقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى أيود) يعني أيحب أحدكم أن تكون له جنة أي بستان من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار (له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء) أولاد صغار ضعاف عجزة (فأصابها إعصار) وهو الريح العاصف التي ترتفع
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»