تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٢١٦
وإنك لصالحة وإنك علي لكريمة وإني فيك لراغب وإني من غرضي أن أتزوج بك وأن جمع الله بيني وبينك بالحلال أعجبتني ولئن تزوجتك لأحسن إليك ونحو ذلك من الكلام من غير أن يقول أنكحيني والمرأة تجيبه بمثله إن رغبت فيه وقال إبراهيم لا بأس أن يهدي إليها ويقوم بشغلها في العدة إذا كانت غير شابة روي أن سكينة بنت حنظلة بانت من زوجها فدخل عليها أبو جعفر محمد بن علي الباقر في عدتها وقال يا بنت حنظلة أنا من قد علمت قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحق جدي علي وقدمي في الإسلام فقالت سكينة أتخطبني وأنا في العدة وأنت يؤخذ عنك فقال إنما أخبرتك بقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة وهي في عدة زوجها أبي سلمة فذكر لها منزلته من الله عز وجل وهو متحامل على يده حتى أثر الحصير في يده من شدة تحامله على يده والتعريض بالخطبة جائز في عدة الوفاة أما المعتدة عن فرقة الحياة ينظر إن كانت ممن لا يحل لمن بانت من نكاحها كالمطلقة ثلاثا والمبانة باللعان والرضاع فإنه يجوز خطبتها تعريضا وإن كانت ممن يحل للزوج نكاحها كالمختلعة والمفسوخ نكاحها يجوز لزوجها خطبتها تعريضا وتصريحا وهل يجوز للغير تعريضا فيه قولان أحدهما يجوز كالمطلقة ثلاثا والثاني لا يجوز لأن المعاودة ثابتة لصاحب العدة كالرجعية لا يجوز للغير تعريضا بالخطبة وهو قوله تعالى (من خطبة النساء) التماس النكاح وهي مصدر خطب الرجل المرأة يخطب خطبة وقال الأخفش الخطبة الذكر والخطبة التشهد فيكون معناه فيما عرضتم به من ذكر النساء عندهن (أو أكننتم) أضمرتم (في أنفسكم) من نكاحهن يقال أكننت الشيء وكننته لغتان وقال ثعلب أكننت الشيء أي أخفيته في نفسي وكننته سترته قال السدي هو أن يدخل فيسلم ويهدي إن شاء ولا يتكلم بشيء (علم الله أنكم ستذكرونهن) بقلوبكم (ولكن لا تواعدوهن سرا) اختلفوا في السر المنهي عنه فقال قوم هو الزنا كان الرجل يدخل على المرأة من أجل الزينة وهو يعرض بالنكاح ويقال لها دعيني فإذا وفيت عدتك أظهرت نكاحك هذا قول الحسن وقتادة وإبراهيم وعطاء ورواية عطية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال زيد بن أسلم أي لا ينكحها سرا فيمسكها فإذا حلت أظهر ذلك وقال مجاهد هو قول الرجل لا تفوتيني بنفسك فإني ناكحك وقال الشعبي والسدي لا يؤخذ ميثاقها أن لا تنكح غيره وقال عكرمة لا ينكحها ولا يخطبها في العدة قال الشافعي السر هو الجماع وقال الكلبي أي لا تصفوا أنفسكم لهن بكثرة الجماع فيقول آتيتك الأربعة والخمسة وأشباه ذلك ويذكر السر ويراد به الجماع قال امرؤ القيس (ألا زعمت بسباسة القوم أنني كبرت وألا يحسن السر أمثالي) وإنما قيل للزنا والجماع سرا لأنه يكون في خفاء بين الرجل والمرأة قوله تعالى (إلا أن تقولوا قولا معروفا) هو ما ذكرنا من التعريض بالخطبة قوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) أي لا تحققوا العزم على عقد النكاح في العدة حتى يبلغ الكتاب أجله أي حتى تنقضي
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»