تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٩١
سورة البقرة 219 219 قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) الآية نزلت في عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل ونفر من الأنصار أتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول أفتنا في الخمر والميسر فإنهما مذهبة للعقل مسلبة للمال فأنزل الله هذه الآية وجملة القول في تحريم الخمر على ما قاله المفسرون إن الله أنزل في الخمر أربع آيات نزلت بمكة وهي (ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا) فكان المسلمون يشربونها وهي لحم حلال يومئذ ثم نزلت هذه الآية في مسئلة عمر ومعاذ بن جبل (يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير) فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ إن الله تقدم في تحريم الخمر \ فتركها قوم لقول (إثم كبير) وشربها أقوام لقوله (ومنافع للناس) إلى أن صنع عبد الرحمن بن عوف طعاما فدعا ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتاهم بخمر فشربوا وسكروا وحضرت صلاة المغرب فقدموا بعضهم ليصلي بهم فقرا قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون هكذا إلى آخر السورة بحذف لا فأنزل الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) فحرم السكر في أوقات الصلاة فلما نزلت هذه الآية تركها قوم وقالوا لا خير في شيء يحول بيننا وبين الصلاة وتركها قوم في أوقات الصلاة وشربوها في غير حين الصلاة حتى كان الرجل يشرب بعد صلاة العشاء فيصبح وقد زال عنه السكر ويشرب بعد صلاة الصبح فيصحوا إذا جاء وقت الظهر واتخذ عتبان بن مالك صنيعا ودعا رجالا من المسلمين فيهم سعد بن أبي وقاص وكان قد شوى لهم رأس بعير فأكلوا منه وشربوا الخمر حتى أخذت منهم ثم أنهم افتخروا عند ذلك وانتسبوا وتناشدوا الأشعار فأنشد سعد قصيدوا فيها هجاء للأنصار وفخر لقومه فأخذ رجل من الأنصار لحى بعير فضرب به رأس سعد فشجه موضحة فانطلق سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا إليه الأنصاري فقال عمر اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فأنزل اللهه تعالى تحريم الخمر في سورة المائدة إلى قوله (فهل أنتم منتهون) وذلك بعد غزوة الأحزاب بأيام فقال عمر رضي الله عنه انتهينا يا رب قال أنس حرمت الخمر ولم يكن يومئذ للعرب عيش أعجب منها وما حرم عليهم شيء أشد من الخمر وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال لما نزلت الآية التي في سورة المائدة حرمت الخمر فخرجنا بالحباب إلى الطريف فمنا من كسر حبه ومنا من غسله بالماء والطين ولعله غودرت أزقة المدينة بعد ذلك حينا فلما مطرت استبان فيها لون الخمر وفاحت منها ريحها وعن أنس رضي الله عنه سميت الخمر خمرا لأنهم كانوا يدعونها في الدندان حتى تتخمر وتتغير وعن ابن المسيب لأنها تركت حتى صفا لونها ورسب كدرها أخبرنا عبد الواحد بن
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»