تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٨٨
سورة البقرة 215 216 215 قوله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون) نزلت في عمرو بن الجموح وكان شيخا كبيرا ذا مال فقال يا رسول الله بماذا نتصدق وعلى من ننفق فأنزل الله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون) وفي قوله (ماذا) وجهان من الإعراب أحدهما أن يكون محله نصبا بقوله (ينفقون) تقديره أي شيء ينفقون والآخر أن يكون رفعا ب (ما) ومعناه ما الذي ينفقون (قل ما أنفقتم من خير) أي من مال (فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم) يجازيكم به قال أهل التفسير كان هذا قبل فرض الزكاة فنسخت بالزكاة 216 قوله تعالى (كتب عليكم القتال) أي فرض عليكم الجهاد واختلف العلماء في حكم هذه الآية فقال عطاء الجهاد تطوع والمراد من الآية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دون غيرهم وإليه ذهب الثوري واحتج من ذهب إلى هذا بقوله تعالى (فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى) ولو كان القاعد تاركا فرضا لم يكن يعده الحسنى وجرى بعضهم على ظاهر الآية وقال الجهاد فرض على كافة المسلمين إلى قيام الساعة أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشربجي الخوارزمي أخبرنا أبو إسحق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أخبرنا أبو عمرو أحمد بن أبي القرالي أخبرنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة أخبرنا سعيد بن عثمان العبدي عن عمرو بن محمد بن المنكدر عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ من مات ولم يغزو ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق \ وقال قوم وعليه الجمهور إن الجهاد فرض على الكفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين مثل صلاة الجنازة ورد السلام قال الزهري والأوزاعي كتب الله الجهاد على الناس غزوا أو قعودا فمن غزا فيها ونعمت ومن قعد فهو عدة إن استعين به أعان وإن استنفر نفر وإن استغني عنه قعد قوله تعالى (وهو كره لكم) أي شاق عليكم قال بعض أهل المعاني هذا الكره من حيث نفور الطبع عنه لما فيه من مؤنة المال ومشقة النفس وخطر الروح لا أنهم كرهوا ثم أحبوه فقالوا سمعنا وأطعنا قال الله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) لأن في الغزو إحدى الحسنيين إما الظفر والغنيمة وإما الشهادة والجنة (وعسى أن تحبوا شيئا) يعني القعود عن الغزو (وهو شر لكم) لما فيه من فوات الغنيمة والأجر (والله يعلم وأنتم لا تعلمون) 217 قوله تعالى (يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه) سبب نزول هذه الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن جحش وهو ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم أخت أبيه في جمادى الآخرة قبل قتال بدر بشهرين على رأس سبعة عشر
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»