تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٨٦
سورة البقرة 213 مما أعطيت ذاك وقيل معناه لا يخاف نفاذ خزائنه فيحتاج إلى حساب ما يخرج منها لأن الحساب من المعطي إنما يكون بما يخاف من نفاذ خزائنه 213 قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) على دين واحد قال مجاهد أراد آدم وحده كان أمة واحدة قال سمي الواحد بلفظ الجمع لأنه أصل النسل وأبو البشر ثم خلق الله تعالى منه حواء ونشر منهما الناس فانتشروا وكانوا مسلمين إلى أن قتل هابيل فاختلفوا (فبعث الله النبيين) قال الحسن وعطاء كان الناس من وقت وفاة آدم إلى مبعث نوح أمة واحدة على ملة الكفر أمثال البهائم فبعث الله نوحا وغيره من النبيين وقال قتادة وعكرمة كان الناس من وقت آدم إلى مبعث نوح وكان بينهما عشرة قرون كلهم على شريعة واحدة من الحق والهدى ثم اختلفوا في زمن نوح فبعث الله إليهم نوحا فكان أول نبي بعث ثم بعث بعده النبيين وقال الكلبي هم أهل سفينة نوح كانوا مؤمنين ثم اختلفوا بعد وفاة نوح وروي عن ابن عباس قال كان الناس على عهد إبراهيم عليه السلام أمة واحدة كفارا كلهم فبعث الله إبراهيم وغيره من النبيين وقيل كان العرب على دين إبراهيم إلى أن غيرهه عمرو بن لحي لعنة الله عليه وروي عن أبي العالية عن أبي بن كعب قال كان الناس حين عرضوا على آدم وأخرجوا من ظهره وأقروا بالعبودية لله تعالى أمة واحدة مسلمين كلهم ولم يكونوا أمة واحدة قط غير ذلك اليوم ثم اختلفوا بعد آدم نظيره في سورة يونس (وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا فبعث الله النبيين) وجملتهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا والرسل منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر والمذكورون في القرآن باسم العلم ثمانية وعشرون نبيا (مبشرين) بالثواب من آمن وأطاع (ومنذرين) محذرين بالعقاب من كفر وعصى (وأنزل معهم الكتاب) أي الكتب تقديره وأنزل مع كل واحد منهم الكتاب (بالحق) بالعدل والصدق (ليحكم بين الناس) قرأ أبو جعفر (ليحكم) بضم الياء وفتح الكاف ههنا وفي أول آل عمران وفي النور موضعين لأن الكتاب لا يحكم في الحقيقة إنما يحكم به وقراءة العامة بفتح الياء وضم الكاف أي ليحكم الكتاب ذكره على سعة الكلام كقوله تعالى (هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق) وقيل معناه ليحكم كل نبي بكتابه (فيما اختلفوا فيهه وما اختلف فيه) أي في الكتاب (إلا الذين أوتوه) أي أعطوا الكتاب (من بعد ما جاءتهم البينات)
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»