تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٩٠
سورة البقرة 217 218 أسيريهم فقال بل نبقيهما حتى يقدم سعد وعقبة وإن لم يقدما قتلناهما بهما فلما قدما فأداهما فأما الحكم بن كيسان فأسلم وأقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فقتل يوم بئر معونة شهيدا وأما عثمان بن عبد الله فرجع إلى مكة فمات بها كافرا وأما نوفل فضرب بطن فرسه يوم الأحزاب ليدخل الخندق فوقع في الخندق مع فرسه فتحطما جميعا فقتله الله فطلب المشركون جيفته بالثمن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوه فإنه خبيث الجيفة خبيث الدية فهذا سبب نزول هذه الآية 217 قوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام) يعني رجبا سمي بذلك لتحريم القتال فيه قوله تعالى (قتال فيه) أي عن قتال فيه (قل) يا محمد (قتال فيه كبير) عظيم تم الكلام ههنا ثم ابتدأ فقال (وصد عن سبيل الله) وصدكم المسلمين عن الإسلام (وكفر به) أي كفركم بالله (والمسجد الحرام) أي بالمسجد الحرام وقيل وصدكم عن المسجد الحرام (وإخراج أهله) أي إخراج أهل المسجد (منه أكبر) أعظم وزرا (عند الله والفتنة) أي الشرك الذي أنتم عليه (أكبر من القتل) أي أعظم من قتل ابن الحضرمي في الشهر الحرام فلما نزلت هذه الآية كتب عبد الله بن أنيس إلى مؤمني مكة إذا عيركم المشركين بالقتال في الشهر الحرام فعيروهم أنتم بالكفر وإخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة ومنعهم المسلمين عن البيت الحرام ثم قال (ولا يزالون) يعني مشركي مكة وهو فعل لا مصدر له مثل عسى (يقاتلونكم) يا معشر المؤمنين (حتى يردوكم) يصرفوكم (عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت) جزم بالنسق (وهو كافر فأولئك حبطت) بطلت (أعمالهم) حسناتهم (في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) قال أصحاب السرية يا رسول الله هل نؤجر على وجهنا هذا وهل نطمع أن يكون سفرنا هذا غزوا 218 فأنزل الله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) فارقوا عشائرهم ومنازلهم وأموالهم (وجاهدوا) المشركين (في سبيل الله) طاعة الله فجعلها جهادا (أولئك يرجون رحمة الله) أخبر أنهم على رجاء الرحمة (والله غفور رحيم)
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»