تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٩٥
سورة البقرة 221 (فإخوانكم) أي فهو إخوانكم والإخوان يعين بعضهم بعضا ويصيب بعضهم من أموال بعض على وجه الإصلاح والرضا (والله يعلم المفسد) لأموالهم (من المصلح) لها يعني الذي يقصد بالمخالطة الخيانة وإفساد مال اليتيم وأكله بغير حق من الذي يقصد الإصلاح (ولو شاء الله لأعنتكم) أي لضيق عليكم وما أباح لكم مخالطتهم وقال ابن عباس ولو شاء الله لجعل ما أصبتم من أموال اليتامى موبقا لكم وأصل العنت الشدة والمشقة ومعناه كلفكم في كل شيء ما يشق عليكم (إن الله عزيز) في سلطانه وقدرته على الإعنات وقيل العزيز الذي يأمر بعزه سهل على العباد أو شق عليهم (حكيم) فيما صنع من تدبيره وترك الإعنات 221 قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) سبب نزول هذه الآية أن أبا مرثد بن أبي مرثد الغنوي وقال مقاتل هو أبو مرثد الغنوي وقال عطاء أبو مرثد كناز بن الحصين وكان شجاعا بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ليخرج منها ناسا من المسلمين سرا فلما قدمها سمعت به امرأة مشركة يقال لها عناق وكانت خليلته في الجاهلية فأتته وقالت يا أبا مرثد ألا تخلوا فقال لها ويحك يا عناق إن الإسلام قد حال بيننا وبين ذلك قالت فهل لك أن تتزوج بي قال نعم ولكن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستأمره فقالت أبي تتبرم ثم استعانت عليه فضربوه ضربا شديدا ثم خلوا سبيله فلما قضى حاجته بمكة وانصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه بالذي كان من أمره وأمر عناق وما لقي بسببها وقال يا رسول الله أتحل لي أن أتزوجها فأنزل الله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) وقيل الآية منسوخة في حق الكتابيات لقوله تعالى (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) وبخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبإجماع الأمة روى الحسن عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا \ فإن قيل كيف أطلقتم اسم الشرك على من لم ينكر إلا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم قال أبو الحسن بن فارس لأن من يقول القرآن كلام غير الله فقد أشرك مع الله غيره وقال قتادة وسعيد بن جبير أراد بالمشركات الوثنيات فإن عثمان تزوج نائلة بنت فراقصة وكانت نصرانية فأسلمت تحته وتزوج طلحة بن عبد الله نصرانية وتزوج حذيفة يهودية فكتب إليه عمر رضي الله عنه خل سبيلها فكتب إليه أتزعم أنها حرام فقال لا أزعم أنها حرام ولكني أخاف أن تتعاطوا المؤمنات منهن (ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم) بجمالها ومالها نزلت في خنساء وليدة سوداء كانت لحذيفة بن اليمان قال حذيفة يا خنساء قد ذكرت في الملأ الأعلى على سوادك ودمامتك فأعتقها وتزوجها وقال السدي نزلت
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»