تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٩٤
سورة البقرة 220 أنا إبراهيم بن عبد الله بن عمر الكوفي أنا وكيع عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول \ وقال عمرو بن دينار الوسط من غير إسراف ولا إقتار قال الله تعالى (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا) وقال طاوس ما يسر والعفو اليسر من كل شيء ومنه قوله تعالى (خذ العفو) أي الميسور من أخلاق الناس أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب أنا عبد العزيز أحمد الخلال أنا أبو العباس الأصم أنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أنا سفيان عن محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعد عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله عندي دينار قال صلى الله عليه وسلم \ أنفقه على نفسك \ قال عندي آخر قال صلى الله عليه وسلم \ أنفقه على ولدك \ قال عندي آخر قال صلى الله عليه وسلم \ أنفقه على أهلك \ قال عندي آخر قال صلى الله عليه وسلم \ أنفقه على خادمك قال عندي آخر قال صلى الله عليه وسلم \ أنت أعلم \ قوله تعالى (كذلك يبين الله لكم الآيات) قال الزجاج إنما قال كذلك على الواحد وهو يخاطب جماعة لأن الجماعة معناها القبيل كأنه قال كذلك أيها القبيل وقيل هو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم فإنه خطاب يشتمل على خطاب الأمة كقوله تعالى (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء) قوله تعالى (لعلكم تتفكرون) 220 (في الدنيا والآخرة) قيل معناه يبين الله لكم الآيات في أمر النفقة لعلكم تتفكرون في الدنيا في الدنيا والآخرة فتحسبون من أموالكم ما يصلحكم في معاش الدنيا وتنفقون الباقي فيما ينفعكم في العقبى وقال أكثر المفسرين معناها هكذا يبين الله لكم الآيات في أمر الدنيا والآخرة لعلكم تتفكرون وقيل معناه يبين الله لكم الآيات في أمر النفقة لعلكم تتفكرون في زوال الدنيا وفنائها فتزهدوا فيها وفي إقبال الآخرة وبقائها فترغبوا فيها قوله تعالى (ويسألونك عن اليتامى) قال ابن عباس وقتادة لما نزل قوله تعالى (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) وقوله تعالى (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما) الآية تحرج المسلمون من أموال اليتامى تحرجا شديدا حتى عزلوا أموال اليتامى عن أموالهم حتى كان يصنع لليتيم طعام منه شيء فيتركونه ولا يأكلونه حتى يفسد فاشتد ذلك عليهم فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى هذه الآية (قل إصلاح لهم خير) أي الإصلاح لأموالهم من غير أجرة ولا أخذ عوض خير وأعظم أجرا لمالكم في ذلك من الثواب وخير لهم لما في ذلك من توفر أموالهم عليهم قال مجاهد أي إن تشاركوهم في أموالهم وتخلطوا بأموالكم في نفقاتكم ومساكنكم وخدمكم ودوابكم فتصيبوا من أموالهم عوضا عن قيامكم بأمورهم أو تكافئوهم على ما تصيبون من أموالهم
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»