تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٢٠١
سورة البقرة 225 مصعب عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال \ من حلف بيمين فرأى خيرا منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير \ 225 قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) اللغو كل ساقط مطرح من الكلام لا يعتد به واختلف أهل العلم في لغو اليمين المذكورة في الآية فقال قوم هو ما يسبق إلى اللسان على عجلة لصلة الكلام من غير عقد وقصد كقول القائل لا والله وبلى والله وكلا والله أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أخبرنا أبو العباس الأصم أنا الربيع أنا الشافعي أنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت لغو اليمين قول الإنسان لا والله وبلى والله ورفعه بعضهم وإلى هذا ذهب الشعبي وعكرمة وبه قال الشافعي ويروى عن عائشة أيمان اللغو ما كانت في الهزل والمراء والخصومة والحديث الذي لا يعقد عليه القلب وقال قوم هو أن يحلف عن شيء يرى أنه صادق فيه ثم يتبين له خلاف ذلك وهو قول الحسن والزهري وإبراهيم النخعي وقتادة ومكحول وبه قال أبو حنيفة رضي الله عنه وقالوا لا كفارة فيه ولا إثم وقال علي الغضب وبه قال طاوس وقال سعيد بن جبير هو اليمين في المعصية لا يؤاخذه الله بالحنث فيها بل يحنث ويكفر وقال مسروق ليس عليه كفارة أنكفر خطوات الشيطان وقال الشعبي في الرجل يحلف على المعصية كفارته أن يتوب منها وكل يمين لا يحل لك أن تفي بها فليس فيها كفارة ولو أمرته بالكفارة لأمرته أن يتم ويستمر على قوله وقال زيد بن أسلم هو دعاء الرجل على نفسه كقول الإنسان أعمى الله بصري أن أفعل كذا فهذا كله لغو لا يؤاخذه الله به ولو آخذهم به لعجل لهم العقوبة (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم) وقال (ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير) قوله تعالى (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) أي عزمتم وقصدتم إلى اليمين وكسب القلب العقد والنية (والله غفور رحيم) واعلم أن اليمين لا تنعقد إلا بالله أو باسم من أسمائه أو بصفة من صفاته فاليمين بالله أن يقول والذي أعبده والذي أصلي له والذي نفسي بيده ونحو ذلك واليمين بأسمائه كقوله والله والرحمن ونحوه واليمين بصفاته كقوله وعزة الله وعظمة الله وجلال الله وقدرة الله ونحوهما فإذا حلف بشيء منها على أمر في المستقبل فحنث يجب عليه الكفارة وإذا حلف على أمر ماض أنه كان ولم يكن أو على أنه لم يكن وقد كان إن كان عالما به حالة ما حلف فهو اليمين الغموس وهو من الكبائر ويجب فيه الكفارة عند بعض أهل العلم عالما كان أو جاهلا وبه قال الشافعي ولا يجب عند بعضهم وهو قول أصحاب الرأي وقالوا إن كان عالما فهو كبيرة ولا كفارة لها كما في سائر
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»