تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٤٥
فالمفعول بهه يتبع ما فعل به فيفعل مثله ثم بين المماثلة فقال (الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) وجملة الحكم فيه أنه إذا تكافأ الدمان من الأحرار المسلمين أو العبيد من المسلمين أو الأحرار من المعاهدين أو العبيد منهم قتل من كل صنف منهم الذكر إذا قتل بالذكر وبالأنثى وتقتل الأنثى إذا قتلت بالأنثى وبالذكر ولا يقتل مؤمن بكافر ولا حر بعبد ولا والد بولد ولا مسلم بذمي ويقتل الذمي بالمسلم والعبد بالحر والولد بالوالد هذا قول أكثر أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أخبرنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع بن سليمان أنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن مطرف عن الشعبي عن أبي جحيفة قال سألت عليا رضي الله عنه هل عندك عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء سوى القرآن فقال لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في القرآن وما في هذه الصحيفة قلت وما في هذه الصحيفة قال فكاك الأسير ولا يقتل مؤمن بكافر وروي عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ لا تقام الحدود في المساجد ولا يقاد بالولد الوالد \ وذهب الشعبي والنخعي وأصحاب الرأي إلى أن المسلم يقتل بالكافر الذمي وإلى أن الحر يقتل بالعبد والحديث حجة لمن لم يوجب القصاص على المسلم يقتل الذمي وتقتل الجماعة بالواحد روي عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قتل سبعة أو خمسة برجل قتلوه غيلة وقال لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به جميعا ويجري القصاص في الأطراف كما يجري في النفوس إلا في شيء واحد وهو أن الصحيح السوي يقتل بالمريض والزمن وفي الأطراف لو قطع يدا شلاء أو ناقصة بالإصبع لا تقطع بها الصحيحة الكاملة وذهب أصحاب الرأي إلى أن القصاص في الأرطاف لا يجري إلا بين حرين أو حرتين ولا يجري بين الذكر والأنثى ولا العبد ولا بين الحر والعبد وعند الآخرين الطرف في القصاص مقيس عن النفس أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا عبد الله بن منيرة أنه سمع عبد الله بن بكر السهمي أخبرنا حميد عن أنس بن النضر أن الربيع عمته كسرت ثنية جارية فطلبوا إليها العفو فأبوا فعرضوا الأرش فأبوا فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبوا إلا القصاص فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص قال أنس بن النضر يا رسول الله أتكسر ثنية عمة الربيع لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ يا أنس كتاب الله القصاص \ فرضي القوم فعفوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره \ قوله تعالى (فمن عفي له من أخيه شيء) أي ترك له وصفح عنه من الواجب عليه وهو القصاص في قتل العمد ورضي بالدية هذا قول أكثر المفسرين قالوا العفو أن يقبل الدية في قتل العمد وقوله (من أخيه) أي من دم أخيه وأراد بالأخ المقتول والكنايتان في قوله (له) ومن (أخيه) ترجعان إلى (من) وهو القاتل وقوله (شيء) دليل على أن بعض الأولياء إذا عفا يسقط القود لأن شيئا من الدم قد بطل قوله تعالى (فاتباع بالمعروف) أي على الطالب للدية أن يتبع بالمعروف فلا يطالب بأكثر من حقه (وأداء إليه بإحسان) أي على المطلوب منه أداء الدية بالإحسان من غير مماطلة أمر كل واحد منهما
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»