تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٤١
سورة البقرة 174 175 البغي والعدوان راجعان إلى الأكل واختلفوا في تفصيله وقال الحسن وقتادة غير باغ بأكله من غير اضطرار ولا عاد أي لا يعدو لشبعه وقيل غير باغ أي غير طالبها وهو يجد غيرها ولا عاد أي غير متعد ما حد له فيأكل حتى يشبع ولكن يأكل منها قوتا مقدار ما يمسك رمقه وقال مقاتل بن حيان غير باغ أي مستحل لها ولا عاد أي متزود منها وقيل غير باغ أي غير مجاوز للقدر الذي أحل له ولا عاد أي لا يقصر فيما أبيح له فيدعه قال مسروق من اضطر إلى الميتة والدم ولحم الخنزير فلم يأكل ولم يشرب حتى مات دخل النار واختلف العلماء في مقدار ما يحل للمضطر أكله من الميتة فقال بعضهم مقدار ما يسد رمقه وهو قول أبي حنيفة رضي الله عنه وأحد قولي الشافعي رضي الله عنه والقول الآخر يجوز أن يأكل حتى يشبع وبه قال مالك رحمه الله تعالى وقال سهل بن عبد الله غير باغ مفارق للجماعة ولا عاد مبتدع مخالف للسنة ولم يرخص للمبتدع في تناول المحرم عند الضرورة (فلا إثم عليه) فلا حرج عليه في أكلها (إن الله غفور) لمن أكل في حال الاضطرار (لحيم) حيث رخص للعباد في ذلك 174 قوله تعالى (إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب) نزلت في رؤساء اليهود وعلمائهم كانوا يصيبون من سفلتهم الهدايا والمآكل وكانوا يرجون أن يكون النبي المبعوث منهم ولما بعث محمد صلى الله عليه وسلم من غيرهم خافوا ذهاب مأكلهم وزوال رياستهم فعمدوا إلى صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فغيروها ثم أخرجوها إليهم فلما نظرت السفلة إلى النعت المغير وجدوه مخالفا لصفة محمد صلى الله عليه وسلم فلم يتبعوه فأنزل الله تعالى (إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب) يعني صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته (ويشترون به) أي بالمكتوم (ثمنا قليلا) أي عوضا يسيرا يعني المآكل التي يصيبونها من سفلتهم (أولئك ما يأكلون في بطونهم إلى النار) يعني إلا ما يؤذيهم إلى النار وهو الرشوة والحرام وثمن الدين فلما كان يفضي ذلك بهم إلى النار فكأنهم أكلوا النار وقيل معناه أنه يصير نارا في بطونهم (ولا يكلمهم الله يوم القيامة) أي لا يكلمهم بالرحمة وبما يسرهم إنما يكلمهم بالتوبيخ وقيل أراد به أني كون عليهم غضبان كما يقال فلان لا يكلم فلانا إذا كان عليه غضبان (ولا يزكيهم) أي لا يطهرهم من دنس الذنوب (ولهم عذاب أليم) 175 (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار) قال عطاء والسدي هو ما الاستفهام معناه ما الذي صبرهم على النار وأي شيء صبرهم على النار حتى تركوا الحق واتبعوا
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»