تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٤٨
سورة البقرة 182 183 يبدلونه) والميت بريء منه (إن الله سميع) لما أوصى به الموصي (عليم) بتبديل المبدل أو سميع لوصيته عليم بنيته 182 قوله تعالى (فمن خاف) أي علم كقوله تعالى (فإن خفتم ألا يقيما حدود الله) أي علمتم (من موص) قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر ويعقوب بفتح الواو وتشديد الصاد كقوله تعالى (ما وصى به نوحا ووصينا الإنسان) وقرأ الآخرون بسكون الواو وتخفيف الصاد كقوله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم من بعد وصية يوصي بها أو دين) (جنفا) أي جورا وعدولا عن الحق والجنف الميل (أو إثما) أي ظلما وقال السدي وعكرمة والربيع الجنف الخطأ والإثم العمد فأصلح بينهم (فلا إثم عليه) واختلفوا في معنى الآية قال مجاهد معناها أن الرجل إذا حضر مريضا وهو يوصي فرآه يميل إما بتقصير أو إسراف أو وضع الوصية في غير موضعها فلا حرج على من حضره أن يأمره بالعدل وينهاه عن الجنف فينظر للموصى له والورثة وقال الآخرون إنه أراد به أنه إذا أخطأ الميت في وصيته أو جار متعمدا فلا حرج على ولي أو وصيه أو والي أمور المسلمين أن يصلح بعد موته بين ورثته وبين الموصى لهم ويرد الوصية إلى العدل والحق (فلا إثم عليه) أي لا حرج عليه (إن الله غفور رحيم) وقال طاوس جنفه توجيهه وهو أن يوصي لبني بنيه يريد ابنه أو ولد ابنته ولزوج ابنته يريد بذلك ابنته وقال الكلبي كان الأولياء والأوصياء يمضون وصية الميت بعد نزول قوله تعالى (فمن بدله بعد ما سمعه) الآية وإن استغرق المال كله ولم يبق للورثة شيء ثم نسخها قوله تعالى (فمن خاف من موص جنفا) الآية قال ابن زيد فعجز الموصي أن يوصي للوالدين والأقربين كما أمر الله تعالى وعجز الوصي أن يصلح فانتزع الله تعالى ذلك منهم ففرض الفرائض روي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال \ إن الرجل ليعمل أو المرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار \ ثم قرأ أبو هريرة (من بعد وصية) إلى قوله (غير مضار) 183 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام) أي فرض وأوجب الصوم والصيام في اللغة الإمساك يقال صام النهار إذا اعتدل وقام قائم الظهير لأن الشمس إذا بلغت كبد السماء كأنها وقفت وأمسكت عن السير سريعة ومنه قوله تعالى (فقولي إني نذرت للرحمن صوما) أي صمتا لأنه إمساك عن الكلام وفي الشريعة الصوم وهو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع مع النية في وقت مخصوص (كما كتب على الذين من قبلكم) من الأنبياء والأمم واختلفوا في هذا التشبي فقال سعيد بن جبير كان صوم من قبلنا من العتمة إلى الليلة القابلة كما كان في ابتداء الإسلام وقال جماعة
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»