وجوهكم عند كل مسجد) فقد قيل أراد به الجارحة واستعارها كقولك فعلت كذا بيدي، وقيل أراد بالإقامة تحرى الاستقامة، وبالوجه التوجه، والمعنى أخلصوا العبادة لله في الصلاة.
وعلى هذا النحو قوله (فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله) وقوله (ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى - ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله) وقوله:
(فأقم وجهك للدين حنيفا) فالوجه في كل هذا كما تقدم، أو على الاستعارة للمذهب والطريق. وفلان وجه القوم كقولهم عينهم ورأسهم ونحو ذلك. وقال: (وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى) وقوله: (آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار) أي صدر النهار. ويقال واجهت فلانا جعلت وجهي تلقاء وجهه. ويقال للقصد وجه، وللمقصد جهة ووجهة وهي حيثما نتوجه للشئ، قال: (ولكن وجهة هو موليها) إشارة إلى الشريعة كقوله شرعة، وقال بعضهم:
الجاه مقلوب عن الوجه لكن الوجه يقال في العضو والحظوة، والجاه لا يقال إلا في الحظوة.
ووجهت الشئ أرسلته في جهة واحدة فتوجه وفلان وجيه ذو جاه، قال: (وجيها في الدنيا والآخرة) وأحمق ما يتوجه به: كناية عن الجهل بالتفرط، وأحمق ما يتوجه، بفتح الياء وحذف به عنه، أي لا يستقيم في أمر من الأمور لحمقه، والتوجيه في الشعر الحرف الذي بين ألف التأسيس وحرف الروي.
وجف: الوجيف سرعة السير، وأوجفت البعير أسرعته، قال (فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب) وقيل أدل فأمل، وأوجف فأعجف أي حمل الفرس على الاسراع فهزله بذلك، قال (قلوب يومئذ واجفة) أي مضطربة كقولك طائرة وخافقة، ونحو ذلك من الاستعارات لها.
وحد: الوحدة الانفراد والواحد في الحقيقة هو الشئ الذي لا جزء له البتة، ثم يطلق على كل موجود حتى أنه ما من عدد إلا ويصح أن يوصف به فيقال عشرة واحدة ومائة واحدة وألف واحد، فالواحد لفظ مشترك يستعمل على ستة أوجه: الأول ما كان واحدا في الجنس أو في النوع كقولنا الانسان والفرس واحد في الجنس، وزيد وعمرو واحد في النوع. الثاني: ما كان واحدا بالاتصال إما من حيث الخلقة كقولك شخص واحد وإما من حيث الصناعة كقولك حرفة واحدة.
الثالث: ما كان واحدا لعدم نظيره إما في الخلقة كقولك الشمس واحدة وإما في دعوى الفضيلة كقولك فلان واحد دهره، وكقولك نسيج وحده. الرابع: ما كان واحدا الامتناع التجزي فيه إما لصغره كالهباء، وإما لصلابته كالألماس، الخامس: للمبدأ، إما لمبدأ العدد كقولك