مفردات غريب القرآن - الراغب الأصفهانى - الصفحة ٥١٣
للأشياء فبوجه أعلى من كل هذا. ويعبر عن التمكن من الشئ بالوجود نحو (اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) أي حيث رأيتموهم، وقوله: (فوجد فيها رجلين) أي تمكن منهما وكانا يقتتلان، وقوله: (وجدت امرأة) إلى قوله (يسجدون للشمس) فوجود بالبصر والبصيرة فقد كان منه مشاهدة بالبصر واعتبار لحالها بالبصيرة، ولولا ذلك لم يكن له أن يحكم بقوله: (وجدتها وقومها) الآية، وقوله (فلم تجدوا ماء) فمعناه فلم تقدروا على الماء، وقوله: (من وجدكم) أي تمكنكم وقدر غناكم، ويعبر عن الغنى بالوجدان والجدة، وقد حكى فيه الوجد والوجد والوجد، ويعبر عن الحزن والحب بالوجد، وعن الغضب بالموجدة، وعن الضالة بالوجود. وقال بعضهم الموجودات ثلاثة أضرب: موجود لا مبدأ له ولا منتهى، وليس ذلك إلا الباري تعالى، وموجود له مبدأ ومنتهى كالناس في النشأة الأولى وكالجواهر الدنيوية، وموجود له مبدأ وليس له منتهى، كالناس في النشأة الآخرة.
وجس: الوجس الصوت الخفي والتوجس التسمع والايجاس وجود ذلك في النفس، قال:
(فأوجس منهم خيفة) فالوجس قالوا هو حالة تحصل من النفس بعد الهاجس لان الهاجس مبتدأ التفكير، ثم يكون الواجس الخاطر.
وجل: الوجل استشعار الخوف، يقال:
وجل يوجل وجلا فهو وجل، قال: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم - إنا منكم وجلون - قالوا لا توجل - وقلوبهم وجلة).
وجه: أصل الوجه الجارحة، قال (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم - وتغشى وجوههم النار) ولما كان الوجه أول ما يستقبلك، وأشرف ما في ظاهر البدن استعمل في مستقبل كل شئ وفى أشرفه ومبدئه فقيل وجه كذا ووجه النهار. وربما عبر عن الذات بالوجه في قول الله: (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام) قيل ذاته وقيل أراد بالوجه ههنا التوجه إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة وقال:
(فأينما تولوا فثم وجه الله - كل شئ هالك إلا وجهه - يريدون وجه الله - إنما نطعمكم لوجه الله) قيل إن الوجه في كل هذا ذاته ويعنى بذلك كل شئ هالك إلا هو، وكذا في أخواته. وروى أنه قيل ذلك لأبي عبد الله ابن الرضا. فقال سبحان الله لقد قالوا قولا عظيما. إنما عنى الوجه الذي يؤتى منه، ومعناه كل شئ من أعمال العباد هالك وباطل إلا ما أريد به الله، وعلى هذا الآيات الأخر، وعلى هذا قوله: (يريدون وجهه - يريدون وجه الله) وقوله (وأقيموا
(٥١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 ... » »»
الفهرست