تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٧٢
* (عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم (101) قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين (102) ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا) * * المائدة، وسألوا المائدة ثم كفروا، وقال بعضهم: أراد به: قوم صالح، سألوا الناقة، ثم كفروا بها، وقال بعضهم: أراد به الكفار في الجاهلية، سألوا رسول الله أن يجعل الصفا ذهبا.
قوله - تعالى -: * (ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام) قال سعيد بن جبير: كان سؤالهم الذي تقدم عن هذه الأوضاع، وهذه الآية لبيان ما سألوا ردا عليهم، وقال ابن عباس في بيان هذه الأوضاع الأربعة، قال:
أما البحيرة: هي الناقة كانت إذا ولدت خمسة أبطن شقوا أنها، وتركوها ولم يحملوا عليها، ولم يمنعوها الكلأ؛ وبذلك سميت بحيرة من البحر، وهو الشق، ثم نظروا إلى خامس ولدها، فإن كان ذكرا نحروه، وأكله الرجال دون النساء، وإن كانت أثنى تركوها كالأم، وإن كان ميتا، أكله الرجال والنساء؛ فهذا معنى البحيرة.
وأما السائبة: كان الرجل من أهل الجاهلية إذا مرض له مريض، أو غاب له قريب، يقول: إن رد الله غائبي، أو إن شفى الله مريضي؛ فناقتي هذه سائبة، ثم يسيبها، تذهب حيث تشاء، (أو) يقول: إن كان كذا؛ فعبدي عتيق سائبة. يعني: من غير ولاء، ولا ميراث؛ فهذا معنى السائبة.
وأما الوصيلة: فكانت في الغنم، كانت الشاة إذا ولدت سبعة أبطن، نظروا إلى البطن السابع، فإن كان ذكرا ذبحوه وأكله الرجال دون النساء، وإن كانت أنثى تركوها، وإن كان ميتا أكله الرجال والنساء، وإن كان ذكرا وأنثى في بطن واحد تركوهما، وقالوا: وصلت أخاها، فهذه هي الوصيلة.
وأما الحام: كان بعضهم إذا ولدت ناقته عشرة أبطن؛ تركوها ولم يركبوها، وقالوا: حمى ظهرها، وكذلك إذا ركب ولد ولدها؛ يقولون: حمى ظهرها وتركوها، وربما تركوها لآلهتهم على ما سيأتي في سورة الأنعام؛ فهذا هو الحام، وهذه أوضاع وضعها أهل الجاهلية على آرائهم، فجاء الشرع برفعها، وقد ثبت عن النبي أنه قال:
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»