تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٦٩
* (للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما) * * وأراد به: أن البيت الحرام قوام للناس لدينهم ومعايشهم، أما في الدين؛ لأن به تقوم المناسك والحج، وأما في المعايش؛ فلأن (أهل الحرم) كانوا يأمنون أهل (الغارة)، حتى كان يغير بعضهم على بعض، ثم لا يتعرضون لأهل الحرم، ويقولون: هم أهل الله.
* (والشهر الحرام) أراد به: جنس الأشهر الحرم، وهي أربعة أشهر: ثلاثة سرد، وواحد فرد كما سبق، والمراد به: أنه جعل الشهر الحرام قواما للناس؛ يأمنون فيه القتال؛ فإنهم كانوا يكفون عن القتل والقتال في الأشهر الحرم.
* (والهدي والقلائد) وقد بينا كيف يكون الهدي والقلائد، وكونه قواما للناس: أنهم كانوا يأمنون بتقليد الهدي، وكان أهل الحرم يتعيشون بالهدي والقلائد.
* (ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات والأرض وأن الله بكل شيء عليم) فإن قال قائل: أي اتصال لهذا بما سبق من الكلام في الآية؟ قال المبرد أبو العباس محمد بن يزيد: معناه: أن ألهمتهم ذلك الاحترام، وأن لا يتعرضوا لأهل الحرم؛ فكأنه بين في الآية صنعة مع أهل الحرم، قال: ذلك لتعلموا أن كل ذلك بعلمي، وإلهامي إياهم.
وقال الزجاج: [قد سبق] في هذه السورة من الله - تعالى - الإخبار عن الغيوب، والكشف عن الأسرار، مثل قوله: * (سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك) ومثل إخباره بتحريفهم الكتب، ونحو ذلك؛ فقوله: * (ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض) راجع إليه.
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»