تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٨٣
* (ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب (116) ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد (117) إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت) * * الزجاج: نفس النبي: جملته وحقيقته، فمعناه: تعلم حقيقة أمري، ولا أعلم حقيقة أمرك، وقيل: معناه: تعلم ما في غيبي ولا أعلم ما في غيبك، وعليه دل قوله: * (إنك أنت علام الغيوب) وهو معنى الأول، * (ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله بي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني) أي: رفعتني * (كنت أنت الرقيب عليهم) وقد بينا معنى التوفي فيما سبق * (وأنت على كل شيء شهيد).
قوله - تعالى -: * (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) فإن قال قائل: كيف طلب المغفرة لهم، وهم كفار؟! وكيف قال: وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم، وهذا لا يليق بسؤال المغفرة؟! قيل: أما الأول فمعنى قوله: وإن تغفر لهم، يعني: بعد الإيمان، وهذا إنما يستقيم على قول السدي؛ لأن الإيمان لا ينفع في القيامة، والصحيح آخر القولين، قال بعضهم: هذا في فريقين منهم فقوله: * (إن تعذبهم فإنهم عبادك) يعني: من كفر منهم * (وإن تغفر لهم) يعني: من آمن منهم. وقال أهل المعاني من أرباب النحو: ليس هذا على وجه طلب المغفرة، وإنما هذا على تسليم الأمر إليه، وتفويضه إلى مراده؛ ألا تراه يقول: ' فإنك أنت العزيز الحكيم ' ولو كان على وجه طلب المغفرة لقال: ' فإنك أنت الغفور الرحيم '.
وأما السؤال الثاني: اعلم أن في مصحف ابن مسعود: ' وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم ' وكان ابن شنبوذ يقرأ كذلك زمانا ببغداد؛ فمنع عنه، وفيه قصة، (وقيل): فيه تقديم وتأخير، وتقدير الآية: إن تغفر لهم فإنهم عبادك، وإن تعذبهم فإنك أنت العزيز الحكيم. وقيل: معناه: إن تغفر لهم لا ينقص من (عزك)
(٨٣)
مفاتيح البحث: الشهادة (2)، العزّة (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»