* (يواري سوءة أخيه قال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين (31) من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير) * * قوله - تعالى -: * (فبعث الله غرابا يبحث في الأرض) في القصص: أن قابيل لما (قتله رجع إليه)، وأخذه، وجعله في جراب وحمله على عاتقه أربعين يوما، وقال ابن عباس، سنة كاملة، قال مجاهد: مائة سنة حتى أنتن على عاتقه، وما كان يعرف مواراته: فبعث الله غرابين فاقتتلا، [فقتل] أحدهما الآخر، ثم إن القاتل منهما بحث في الأرض ليواري الثاني، وقيل: كان ملكا على صورة غراب * (يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه) أي: جيفة أخيه، وقيل: عورة أخيه؛ لأنه كان قد سلبه ثيابه.
* (قال يا ويلتي) وهذه كلمة دعاء الهلاك * (أعجزت أن أكون) أضعفت أن أكون * (مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين) فإن قال قائل: هل كان ندمه على القتل توبة منه؟
قيل: لم يكن ندم على القتل، وإنما معناه: أنه أصبح من النادمين على حمله على عاتقه، (والتطواف) به؛ لما (لحقه) من التعب فيه، وقيل: إنما ندم لقلة النفع بقتله؛ فإنه أسخط والديه، وما نفع بقتله شيئا؛ فندم على ذلك، لا أنه ندم على القتل، وفي القصة أنه لما قتله استوحش من الناس، وكان كلما لقي إنسانا ظن أنه يأتي ليقتله فهرب منه، وكان هكذا أبدا حتى قتله بعض أولاده.
قوله - تعالى -: * (من أجل ذلك) أي: من خيانة ذلك * (كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض) قرأ الحسن: ' أو فساد في الأرض ' تقديره بغير نفس، وبغير أن عمل فسادا في الأرض، والمعروف: أو فساد في الأرض، وتقديره: بغير نفس، وبغير فساد في الأرض: من كفر، أو زنا، ونحوه،