* (الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين (27) لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين (28) إني أريد أن تبوء بإثمي) * * قوله - تعالى -: * (لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين) قال الحسن، ومجاهد: كان [من شرع آدم أن]: من قصد بالقتل؛ فواجب عليه الكف عن الدفع، والصبر على الأذى، وكذا كان في شرع نبينا في الابتداء، فأما قوله: * (ما أنا بباسط يدي إليك) يعني: بالدفع. وقيل: لم يكن ذلك شرعا، وإنما قال ذلك؛ استسلاما للقتل؛ وطلبا للأجر، وهذا جائز لكل من يقصد قتله، أن يستسلم وينقاد، وكذا فعل عثمان رضي الله عنه - وهو أحد قولي الشافعي، وفيه قول ثالث: أن المراد به: لئن ابتدأت بقتلي ما أنا بمبتدئ بقتلك، والصحيح [آخر] القولين.
قوله - تعالى -: * (إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين) قال ابن عباس، وابن مسعود: معناه: أن ترجع بإثم قتلي وإثم معاصيك التي سبقت، فإن قابيل كان رجل سوء، وقيل: كان كافرا، وقيل: هو أحد اللذين ذكرهما الله - تعالى - في ' حم السجدة ': * (وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس) فالذي من الجن إبليس، والذي من الإنس قابيل، وقال مجاهد: معنى قوله: * (أن تبوء بإثمي وإثمك): أن ترجع بإثم قتلي، وإثم معصيتك التي لم يتقبل لأجلها قربانك، أو إثم حسدك إياي، وهذا اختيار الزجاج، وقال ابن كيسان: إنما قال ذلك؛ على طريق التمثيل، يعني: لو قتلت أنا كان علي الإثم، ولو قتلت أنت كان عليك الإثم، فأنا لا أقتل حتى تقتل أنت؛ فتبوء بالإثمين، فيكون كلا الإثمين عليك، فإن قال قائل: كيف قال: أريد أن تبوء بإثمي وإثمك، وإرادة القتل والمعصية لا تجوز؟ أجابوا عنه من وجوه: أحدها: قالوا: ليس ذلك بحقيقة إرادة، ولكنه لما علم أنه يقتله لا محالة، ووطن نفسه على الاستسلام؛ طلبا للثواب،