تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٣٦
* (به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم (36) يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم (37) والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم (38) فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح) * * قوله - تعالى -: * (يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم) فإن قيل: إذا لم يكونوا خارجين منها، كيف يريدون الخروج؟ قيل: يريدون ذلك جهلا؛ ظنا أنهم يخرجون.
وقيل: يتمنون ذلك، فهي إرادة بمعنى التمني، وليس بحقيقة الإرادة.
قوله - تعالى -: * (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) وفي مصحف ابن مسعود: فاقطعوا أيمانهما، وهو معنى القراءة المعروفة، فإن قال قائل: كيف قال * (أيديهما) والمذكور اثنان، ولم يقل: يديهما؟ قيل: لم يرد به سارقا واحدا، أو سارقة واحدة، وإنما ذكر الجنس؛ فلذلك ذكر الأيدي. قال الفراء، والزجاج: كل ما يوحد في الإنسان، فإذا ذكر منه اثنان يجمع؛ يقول الله - تعالى - * (فقد صغت قلوبكما) وتقول العرب: ملأت ظهورهما وبطونهما ضربا، ولكل واحد ظهر وبطن واحد، فكذلك اليمين للإنسان واحدة؛ فيجمع عند التثنية، فإن قيل: قد أمر هنا بقطع آلة السرقة، ولم يأمر في الزنا بقطع آلة الزنا، فما الحكمة فيه؟ قيل: كلاهما ثبت شرعا، غير معقول المعنى. وقيل: الحكمة فيه: أن من قطع الذكر قطع النسل، وليس ذلك في قطع اليد؛ أو لأن اليد إذا قطعت، وانزجر عن السرقة، تبقى له اليسار؛ عوضا عن اليمين، وأما الذكر إذا قطع، وحصل الانزجار، لا يبقى له عوض عن الذكر [فلذلك] افترقا * (جزاء بما كسبا نكالا من الله) النكال: كل عقوبة تمنع الإنسان عن فعل ما عوقب عليه * (والله عزيز حكيم) ومعناه: مقتدر على معاقبة الخلق، * (حكيم) فيما أوجب من العقوبة، وحكى عن الأصمعي أنه [قال]: قد كنت أقرأ هذه الآية وبجنبي أعرابي، فقرأت: نكالا من الله والله غفور رحيم؛ فقال الأعرابي: هذا كلام من؟ فقلت: كلام الله، فقال الأعرابي: ليس هذا من كلام الله.
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»