تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٢٨
* (وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين (23) قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون (24) قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين (25)) * * نفسي، وأخي لا يملك إلا نفسه، وقيل معناه: لا تطيعني إلا نفسي، ولا يطيعني إلا أخي * (فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين) أي: فافصل بيننا، و (قيل) معناه: فاقض بيننا وبين القوم الفاسقين.
قوله - تعالى - * (قال فإنها محرمة عليهم) قيل ها هنا تم الكلام، ومعناه: أن الأرض المقدسة محرمة عليهم أبدا، ولم يرد به: تحريم تعبد، وإنما أراد به: تحريم منع، فإنهم منعوا عنها، فلم يدخلوها أبدا، وإنما دخلها أولادهم، وقيل الآية متصلة بعضها بالبعض.
وإنما حرمت عليهم أربعين سنة كما قال: * (فإنها محرمة عليهم أربعين سنة) (يتيهون في الأرض) وقد أوقفهم الله - تعالى - في التيه؛ عقوبة لهم على ما خالفوا، وقيل: إن أرض التيه التي تاه فيها بنو إسرائيل كانت: ستة فراسخ في طول اثنى عشر فرسخا، وكان عدد التائهين فيها: ستمائة ألف، قاموا فيها، وكانوا كلما أمسوا من موضع للمسير، فإذا أصبحوا (أصبحوا) على ذلك الموضع، وكلما أصبحوا من موضع للمسير، فإذا أمسوا أمسوا على ذلك الموضع، وهكذا كل يوم إلى أن ماتوا فيها، وقيل: كان موسى وهارون فيهم، وإنما توفيا في التيه، وقيل: لم يكونا فيهم، وإنما كان ذلك عقوبة عليهم، فلما ماتوا في التيه ونشأ أولادهم، أقبل يوشع بن نون بأولادهم إلى الأرض المقدسة، وحارب العمالقة ونصره الله تعالى عليهم حتى فتح تلك المدينة، وكان يوم الجمعة وضاق النهار بهم فحبس الله - تعالى - الشمس ساعة حتى فتح المدينة ثم غربت الشمس من ليلة السبت، إذ ما كان يجوز لهم عمل في السبت؛ ففزع الله قلوبهم يوم الجمعة؛ فهذا جملة الكلام في قوله: (* (أربعين سنة يتيهون في الأرض) * فلا تأس) أي فلا تحزن * (على القوم الفاسقين).
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»