تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٣٧
* (فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم (39) ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير (40) يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن) * * فتنبهت وقرأت * (نكالا من الله والله عزيز حكيم) فقال الأعرابي: هذا كلام الله، ثم سألته عن ذلك، فقال: إن الله لا يذكر العقوبة على العبد ثم يقول: ' والله غفور رحيم '، وإنما يليق بذكر العقوبة: العزيز الحكيم.
قوله - تعالى -: (فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم) قال مجاهد: قطع السارق توبته، فإذا قطع، فقد حصلت التوبة، والصحيح: أن القطع للجزاء على الجناية، كما قال: * (جزاء بما كسبا) فلا بد من التوبة بعده، وتوبته: الندم على ما مضى، والعزم على تركه في المستقبل.
قوله - تعالى -: * (ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض) الخطاب مع الرسول، والمراد به الجميع، وقيل (معناه): ألم تعلم أيها الإنسان؛ فيكون خطابا لكل واحد من الناس. * (يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء) قال ابن عباس: يعذب من يشاء على الصغيرة، ويغفر لمن يشاء الكبيرة، وقال غيره: يعذب من يشاء: من مات مصرا، ويغفر لمن يشاء: من مات تائبا * (والله على كل شيء قدير).
قوله - تعالى -: * (يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر) أي: لا يحزنك مسارعتهم في الكفر؛ فإن قيل: كيف لا يحزنه كفرهم، والإنسان يحزن على كفر الغير ومعصيته؛ شفقة على الدين؟ قيل: معناه: لا يحزنك فعل الذين يسارعون في الكفر، على (معنى: أن) فعلهم لا يضرك.
* (من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم) يعني: المنافقين.
* (ومن الذين هادوا سماعون للكذب) يعني: اليهود * (سماعون للكذب) أي: وهم سماعون للكذب، أي: قائلون للكذب، كقول المصلي: سمع الله لمن حمده. أي: قبل الله لمن حمده. وقال الزجاج: معناه: سماعون لأجل الكذب؛ فإنهم كانوا
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»