تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٤٣
* (وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين (46) وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون (47) وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم) * * (وآتينا الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا) يعني: الإنجيل * (لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين).
قوله - تعالى -: * (وليحكم أهل الإنجيل) يعني: وقلنا: وليحكم أهل الإنجيل * (ما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون).
قوله - تعالى -: * (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق) يعني: القرآن * (مصدقا لما بين يديه من الكتاب) يعني: سائر الكتب المنزلة قبله * (ومهيمنا عليه) قال ابن عباس: أي: أمينا عليه. قال (المبرد): أصله: مؤيمنا، فقلبت الهمزة هاء، كما يقال: أرقت الماء وهرقته. ومعناه: الأمين، وقيل: معناه: شاهدا عليه، وقال أبو عبيدة: أي: رقيبا حافظا، والمعاني متقاربة، ومعنى الكل أن كل [كتاب] يصدقه القرآن، ويشهد بصدقه، فهو كتاب الله، وما لا فلا. وقرأ مجاهد ' ومهيمنا ' بفتح الميم، يعني: محمد مؤيمنا عليه، وفي الأثر أن عمر - رضي الله عنه - قال: إذا دعوت الله فهيمنوا أي أمنوا ' قال الشاعر:
(ألا إن خير الناس بعد محمد * مهيمنه تاليه في العرف والنكر) أراد أبا بكر أمينة وحافظه، يتلوه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر * (فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق) أي: لا تعرض عما جاءك وتتبع أهواءهم.
* (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) فالشرعة: الطريق الواضح، وكذلك المنهاج. قال المبرد: الشرعة: ابتداء الطريق، والمنهاج: الطريق المستمر. واعلم أن الشرائع مختلفة، ولكل قوم شريعة، فلأهل التوراة شريعة، ولأهل الإنجيل شريعة، ولأهل الإسلام شريعة، وأما الدين في الكل واحد، وهو التوحيد.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»