تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ١٠ - الصفحة ١١٠
والسلمي وطلحة وقتادة وأبو إسحاق وأهل المدينة وأيوب بالتشديد من التقدير وهي اختيار الكسائي، وقرأ الباقون بالتخفيف من القدرة واختاره أبو عبيد وأبو حاتم لقوله " * (فنعم القادرون) *) ويجوز أن يكون التشديد والتخفيف بمعنى واحد كقوله سبحانه وتعالى " * (نحن قدرنا بينكم) *) فهي بالتخفيف والتشديد، * (ويل يومئذ للمكذبين) * * (ألم نجعل الأرض كفاتا) *) وعاء " * (أحياء وأمواتا) *) تجمعهم أحياء على ظهرها فإذا ماتوا ضمتهم إليها في بطنها وقال (بنان الصفار): خرجنا في جبانة مع الشعبي فنظر إلى الجبانة فقال: هذه الأموات، ثم نظر إلى البيوت فقال: هذه كفات الأحياء. وأصل الكفت: الجمع والضم، وكانوا يسمون بقيع الغرقد كفتة لأنه مقبرة تضم الموتى، ومثله قول النبي (عليه السلام) (خمروا آنيتكم وأوكوا أسقيتكم وأجيفوا الأبواب واطفئوا المصابيح واكفتوا صبيانكم فإن للشيطان انتشارا وخطفة) يعني بالليل، ويقال للأرض: كافتة.
" * (وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم فراتا) *) عذبا " * (ويل يومئذ للمكذبين) *) ثم أخبر أنه يقال لهم يوم القيامة: " * (انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون) *) في الدنيا " * (انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب) *) يعني دخان جهنم إذا ارتفع أشعب، وقيل: أنها عنق يخرج من النار فينشعب ثلاث شعب فأما النور فيقف على رؤوس المؤمنين والدخان يقف على رؤس المنافقين واللهب الصافي يقف على رؤس الكافرين، وقال مقاتل: هو السرادق والظل من يحموم.
" * (لا ظليل) *) لا كنين " * (ولا يغني من اللهب) *) إنها يعني جهنم " * (ترمي بشرر) *)، وهي ما تطاير من النار إذا التهبت واحدتها شررة " * (كالقصر) *) وقرأ عيسى بشرار وهي لغة تميم وأحدها شرارة.
" * (كالقصر) *) وقرأه العامة بسكون الصاد، وقال ابن مسعود: يعني الحصون والمدائن وهو واحد القصر وهي رواية الوالي عن ابن عباس قال: كالقصر العظيم، وقال القرظي: إن على جهنم سورا فما خرج من وراء السور مما يرجع إليه في عظم القصر ولون النار.
وروى سعيد عن عبد الرحمن بن عابس قال: سألت ابن عباس عن قوله سبحانه: " * (إنها ترمي بشرر كالقصر) *) قال هي الخشب العظام المقطعة وكنا نعمد إلى الخشب فنقطعها ثلاثة أذرع وفوق ذلك ودونه ندخره للشتاء فكنا نسميها القصر، وقال مجاهد: هي حزم الشجر، وقال سعيد ابن جبير والضحاك: هي أصول النخل والشجر العظام واحدتها قصرة مثل تمرة وتمر وجمر وقرأ علي بن أبي طالب وابن عباس: كالقصر بفتح الصاد أراد أعناق النخل، والقصرة العنق وجمعها قصر وقصرات، وقرأ سعيد بن جبير كالقصر بكسر القاف وفتح الصاد قال أبو حاتم: ولعله لغة ونظيرها في الكلام حاجة وحوج، كأنه رد الكناية إلى اللفظ.
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»