فقال: السائق يسوقها إلى الله سبحانه، والشاهد يشهد عليه بما عملت، وقال الضحاك: السائق الملائكة، والشاهد من أنفسهم الأيدي، والأرجل. وهي رواية العوفي عن ابن عباس، وقال أبو هريرة: السائق الملك، والشهيد العمل، وقال الباقون: هما جميعا من الملائكة، فيقول الله سبحانه لها: " * (لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك) *) ورفعنا عنك عماك، وخلينا عنك سترك، حتى عاينته. " * (فبصرك اليوم حديد) *) قوي، نافذ، ثابت، ترى ما كان محجوبا عنك. وروى عبد الوهاب، عن مجاهد، عن أبيه " * (فبصرك اليوم حديد) *) قال: نظرك إلي لبيان ميزانك حين توزن حسناتك، وسيئاتك.
وقيل: أراد بالبصر العلم، علم حين لم ينفعه العلم، وأبصر حين لم ينفعه البصر. وقرأ عاصم الجحدري " * (لقد كنت) *) بكسر (التاء)، وبكسر (الكاف)، رد الكتابة إلى النفس. " * (وقال قرينه) *) الملك الموكل به " * (هذا ما لدى عتيد) *) معد محفوظ محضر، قال مجاهد: هذا الذي وكلني به من بني آدم، قد أحضرته، وأحضرت ديوان أعماله، فيقول الله سبحانه لقرينه: " * (ألقيا في جهنم) *) قال الخليل، والأخفش: هذا كلام العرب الصحيح أن يخاطب الواحد بلفظ الاثنين، وهو جيد حسن، فيقول: ويلك أرحلاها، وازجراها، وخذاه واطلقاه للواحد. قال الفراء: وأصل ذلك إذا دنا أعوان الرجل في إبله، وغنمه، وبقره، اثنان، فجرى كلام الواحد على صاحبيه، ومنه قولهم للواحد في الشعر: خليلي (ثم يقول: يا صاح). قال امرؤ القيس:
خليلي مرا بي على أم جندب نقض لبانات الفؤاد المعذب وقال:
قفا نبك عن ذكرى حبيب ومنزل وقال: قفا نبك من ذكرى حبيب وعروان.
قال الآخر:
فقلت لصاحبي لا تعجلانا بنزع أصوله واجتز شيحا وأنشد أبو ثروان:
فإن تزجرني يا بن عفان أنزجر وإن تدعاني أحم عرضا ممنعا وقيل: يشبه أن يكون عني به تكرار القول فيه، فكأنه يقول: إلق إلق، فناب ألقيا مناب التكرار، ويجوز أن تكون ألقيا تثنية على الحقيقة، ويكون الخطاب للمتلقيين معا أو السائق والشاهد جميعا، وقرأ الحسن (ألقين) بنون التأكيد الخفيفة، كقوله: " * (ليسجنن وليكونا من