تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٩٧
نفرا يكون النصر في أعقابهم أرجو بذاك ثواب رب محمد فلما (......) تبع إلى دينهما أكرمهما وانصرف عن المدينة، وخرج بهما إلى اليمن ولما (دنا من) اليمن ليدخلها حالت حمير بينه وبين ذلك، وقالوا: لا تدخلها علينا، وقد فارقت ديننا، فدعاهم إلى دينه، وقال: إنه دين خير من دينكم.
قالوا: فحاكمنا إلى النار. وكانت باليمن نار في أسفل جبل يقال له: ندا، يتحاكمون إليها، فيما يختلفون فيه، فتحكم بينهم، تأكل الظالم، ولا تضر المظلوم، فلما قالوا ذلك لتبع، قال: أنصفتم، فخرج قومه بأوثانهم، وما يتقربون به في دينهم، وخرج الحبران، مصاحفهما في أعناقهما متقلداهما، حتى قعدوا للنار عند مخرجها التي تخرج منه، فخرجت النار إليهم، ولما أقبلت نحو حمير، حادوا عنها، وهابوها فدعاهم من حضرهم من الناس، وأمروهم بالصبر لها؛ فصبروا حتى غشيتهم، فأكلت الأوثان، وما قربوا معها، ومن حمل ذلك من رجال حمير، وخرج الحبران ومصاحفهما في أعناقهما، يتلون التوراة، تعرق جباههما، لم تضرهما، ونكصت النار حتى رجعت إلى مخرجها الذي خرجت منه، فأطبقت حمير عند ذلك على دينهما.
فمن هناك كان أصل اليهودية باليمن.
وكان لهم بيت يعظمونه، وينحرون عنده، ويكلمون منه، إذا كانوا على شركهم، فقال الحبران القرظيان، واسماهما كعب وأسد لتبع: إنما هو شيطان (يفنيهم ويلغيهم)، فخل بيننا وبينه. قال: فشأنكما به. فاستخرجا منه كلبا أسود، فذبحاه، ثم هدما ذلك البيت، فبقاياه اليوم باليمن كما ذكر لي.
وروى أبي دريد، عن أبي حاتم، عن الرياشي، قال: كان أبو كرب أسعد الحميري من التبابعة، آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم محمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث بسبعمائة سنة، وقال في ذلك شعرا:
شهدت على أحمد أنه رسول من الله باري النسم فلو مد عمري إلى عمره لكنت صهرا له وابن عم " * (كل كذب الرسل فحق) *) وجب " * (وعيد) *) لهم بالعذاب يخوف كفار مكة، قال قتادة: دمر الله سبحانه وتعالى قوم تبع، ولم يدمره، وكان من ملوك اليمن، فسار بالجيوش، وافتتح البلاد،
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»